يوم الأنشطة المنوعة على شاطئ النصيرات

إعداد: جمعية الكرمل/مخيم النصيرات

ضمن توسيع قاعدته الدعوية، عقد مركز بديل خلال العام 2009-2010 شراكة مع جمعية الكرمل ومقرها مخيم النصيرات في قطاع غزة، لتنفيذ برنامج تنمية وتدريب الناشئة في قطاع غزة. تأسست الجمعية عام 1993، وهي مؤسسة ثقافية اجتماعية تهدف إلى رفع المستوى الثقافي والاجتماعي بين أبناء المخيم وتعزيز صمودهم وتنمية روح العمل الجماعي بين أوساطهم المختلفة.

ولأن قطاع غزة يتميز بصغر مساحته ووجود نسبة سكان عاليه فيه، فقد أدرك مركز بديل أهمية العمل بين أوساط اللاجئين في القطاع، واختار أن تكون شراكته من خلال برنامج الناشئة هذا العام في مخيم النصيرات للاجئين.

أسوة بباقي مخيمات اللجوء والشتات، يشتهر مخيم النصيرات بالكثافة السكانية العالية، وبالأزقة الضيقة والبيوت المتلاصقة. كما ان وضع السكان الاقتصادي متردٍّ للغاية، إذ أن نسبة البطالة بين أوساط اللاجئين عالية وخصوصاً بعد عزل القطاع وفرض الحصار الظالم عليه من قبل إسرائيل. يقعالمخيم على مسافة 8 كيلومتر جنوبي مدينة غزة، ومعظم اللاجئين فيه هم من السكان الفلسطينيين اللذين هجروا إبان نكبة عام 1948.

ولأهمية المخيم ووضعه الاقتصادي الصعب، عقدت جمعية الكرمل في المخيم خلال عام 2009 شراكة مع مركز بديل لتنفيذ مشروع تنمية وتدريب الناشئة في مجال الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين. وخلال عملية تنفيذ بنود المشروع، يقوم القائمون على البرنامج في الجمعية بعملية تثقيف وتوعية لمجموعة من أطفال اللاجئين منتسبين للبرنامج، تهدف إلى رفع مستواهم المعلوماتي، وبناء قدراتهم حتى يكونوا جيلا قادرا على حمل رسالة اللاجئين وحماية حقوقهم في المستقبل.

هذا التقرير يتطرق إلى يوم ترفيهي على شاطئ البحر الأبيض المتوسط (شاطئ بحر النصيرات)، نفذته جمعية الكرمل للمنتسبين لبرنامج تنمية وتدريب الناشئة، وذلك في إطار الجمع بين المواد النظرية والأنشطة الميدانية التي يتطلبها تنفيذ البرنامج.

وحيث أن قطاع غزة محاصر من جميع الجهات، ولا يستطيع السكان الخروج منه، وحيث أن الأطفال هم الفئات الأكثر حساسية، فان القيام بأنشطة ترفيهية هو غاية في الأهمية، وذلك لان هكذا أنشطة، تساعد على تجديد الحيوية، وتخرج الأطفال من أجواء التوتر، والضغط، والكبت. فهي بالإضافة إلى قيمتها التثقيفية التربوية- التعليمية، فإنها ذات قيمة روحية عالية. وتصبح قيمتها مضاعفة في ظروف قطاع غزة لأنها تشكل أداة فاعلة لتحقيق التوازن النفسي للأطفال في مواجهة حالة الحصار والموت والحرب والاضطرابات في القطاع.

وحيث أن أطفال القطاع لا يستطيعون إجراء زيارات تبادلية مع رفاقهم الناشئة في الضفة الغربية أو المنافي، ولدت فكرة إقامة يوم ترفيهي للأطفال على شاطئ البحر. ويعتبر الشاطئ في غزة المتنفس الوحيد للسكان. وبناء على ذلك، تم اختيار الشاطئ المجاور للمخيم من الناحية الغربية، وقد أمضى الأطفال معظم يومهم يمارسون العابا شعبية مختلفة.

بدأ الأطفال يومهم على الشاطئ بألعاب ترفيهية وتنشيطية، كان الهدف منها الابتعاد عن الأجواء المتوترة والمشحونة في قطاع غزة، والتي تشغل الصغير قبل الكبير. كما أن الألعاب هي مفتاح تقوية روح الاندماج والعمل الجماعي بين الأطفال وإذابة الخجل والحواجز بينهم. ومن الأمثلة على هذه الألعاب، لعبة المنارة ولعبة حبجيرانك، لعبة الصندوق أو الكنز. أثناء اللعب، كان واضحاً أن الخجل الذي ساد بين الأطفال بدأ يتلاشى تدريجياً. يقولالطفل محمد عبد العال: " كنت أضع في عقلي فكرة غيرايجابية عن احد المشاركين معي في البرنامج، ولكن مع هذه الألعاب شعرت بشيء يقربني منه، وشعرت أن هذا الشاب يختلف كليا عما كنت اعتقده في السابق". أما الطفلة وسام البطران فتقول: " أن العب أنا وفتى كان شيء غير مرغوب به، ولكن بعد انتمائي إلى هذه المجموعة والألعاب التي نقوم بها، شعرت أنني العب معإخواني وأقرباء لي، وشعرت بفرحة حرمت منها طويلاً".

بعد الانتهاء من فقرة الألعاب، أجريت مسابقة ثقافية للأطفال ركزت معظم أسئلتها على تاريخ اللجوء الفلسطيني، وكيف عايشها اللاجئ الفلسطيني، كيف كان الفلسطينيين يعيشون في بيوتهم وأراضيهم قبل النكبة الفلسطينية، وما الذي حل بهم بعد النكبة والتشريد. كما ركزت المسابقة على المجازر التي ارتكبتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، وتاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة، والسلبيات التي يجنيها الشعب الفلسطيني من وراء الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة. كما تخلل المسابقة قسم للاغاني الشعبية والوطنية الفلسطينية.

وسام عبد الكريم مسؤول قسم الشباب وميسر الأنشطة في جمعية الكرمل تحدث عن هذه الأنشطة قائلاً:

ان الأنشطة التي تستهدف فئات شبابية ناشئة، تهدف إلى تعزيز روح الانتماء الوطني عندهم، والحفاظ على تاريخهم الوطني وتراثهم الفلسطيني، كما أنها تعزز ثقافتهم العامة خصوصا حول قضيتهم وتاريخها، وإننا في جمعية الكرمل نسعى دائماً للعمل مع الفئة الناشئة لإيماننا ان هذا الجيل هو القادر في المستقبل على حمل الراية والمضي في مسيرة التحرر والعودة.

وفي نهاية اليوم المفتوح، نظمت المجموعة فقرة تحت عنوان: "دع الريشة تعبر عن موضوعك". قام الميسرون بتقسيم الأطفال إلى ثلاث مجموعات، وطلب من كل مجموعة أن تختار موضوعا معينا لترسمه وتعبر عنه بالطريقة التي تراها مناسبة. وقد عبرت الرسومات عن معاناة اللاجئين الفلسطينيين وحلمهم بالعودة إلى الديار التي شردوا منها، ولم تخلُ الرسومات من التعبير عن الانقسام الفلسطيني الفلسطيني وسلبياته على المجتمع والقضية الفلسطينية.

وفي تعليقه على النشاط، يقول وسام عبد الكريم:

هذه الأنشطة هدفها تثقيف الفتية الناشئة بعيداً عن الحصص التلقينية، مضيفاً أنجمعية الكرمل تعطي الأطفال الناشئة وقتا كافيا للتعلم عن طريق الأنشطة الميدانية، مثل الدبكة والرسم والغناء. إن الأطفال ومن خلال برنامج الناشئة يقومون بإجراء مقابلات مع كبار في السن عاصروا النكبة، وان مثل هذه المقابلات تعطي الأطفال خلفية عن تاريخ وحضارة وتراث الشعب الفلسطيني قبل النكبة الفلسطينية، يتعرفون من خلالها مثلاً على أغان شعبية لم يسمعوا عنها من قبل.