الأولويات الفلسطينية ودور المجلس التشريعي

د. برنارد سابيلا*

من أهم الأولويات الفلسطينية بعد 62 عاماً من النكبة تحقيق حق العودة وتحميل إسرائيل مسؤولية اللجوء الفلسطيني وتترتب على هاتين الاولويتين الأمور التالية:

 

أولا: حق اللاجئ الفلسطيني في اختيار العودة إلى دياره الأصلية أي في فلسطين الانتدابية.


ثانياً: تحميل إسرائيل تبعات اللجوء الفلسطيني بأبعاده الإنسانية والدولية، وما تستلزمه هذه الأبعاد من تعهدات وفق القانون الدولي ووفق قرار194 للجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 11 كانون أول 1948. وتنص ماده 11 من هذا القرار على حق من يرغب من اللاجئين في العودة إلى بيوتهم والعيش بسلام مع جيرانهم في اقرب فرصه عملية وعلى تعويض من لا يرغب في العودة، وكذلك التعويض عن الأملاك وعن الخراب للأملاك وفق مبادئ القانون الدولي.
ثالثاً: أن تواجد اللاجئين الفلسطينيين في أماكن الشتات هو تواجد مؤقت إلى حين تمكنهم من ممارسة العودة. والى ذلك الوقت، وبرغم اختلاف أماكن الشتات في ظروفها السياسية والاجتماعية والقانونية إلا أن اللاجئين يتمتعون بحقوق العيش الكريم وفي حرية الحركة وفي مزاولة المهن المختلفة.
رابعاً: إن هدف وجود وكالة الغوث ليس فقط لتوفير الخدمات الأساسية من سكن وتعليم وصحة وغذاء وعمل، وإنما هو انعكاس لعدم قيام المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة بواجبه في تنفيذ قرار الهيئة العامة 194 والذي ينص على عودة اللاجئين وتعويضهم.

 

وبناءاً على هذه الأمور، يتوجب تأكيد هذه الأولويات سواء التشديد على حق العودة ومسؤولية إسرائيل وحق اللاجئين في الحياة الكريمة وفي استمرارية عمل وكالة الغوث. أي انه علينا التمسك بالثوابت في ما يتعلق باللاجئين وحقوقهم وكذلك الحفاظ على مستوى من الحياة الكريمة في شتى أماكن التواجد الفلسطيني.

وإذا ما عكسنا هذه الأمور على المجلس التشريعي الفلسطيني والدور الذي يتوجب عليه القيام به في التصدي للنكبة المستمرة، وبخاصة في القدس، فانه يتوجب على المجلس العمل في المجالات التالية:

أولا- التأكد من أن ما يجري في القدس يستوجب مأسسة التدخل الرسمي الفلسطيني في القطاعات المختلفة. وبالتالي، فعلى المجلس أن يفعّل دوره الرقابي على كافة المستويات لغرض الدفع نحو مأسسة مرجعية واضحة للقدس وتحدياتها.
ثانياً – المرافعة/الدفاع المنهجي عبر الزيارات التبادلية لبرلمانات العالم عن القدس وعن حقوق اللاجئين الفلسطينيين وأهمية توفير ظروف العيش الكريم لهم سواء في الوطن أو في أماكن الشتات خارجه.

ثالثاً – التأكيد على حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته وعاصمتها القدس الشرقية. وبالتالي فعلى المجلس التشريعي أن يتابع ما تقوم به إسرائيل من انتهاكات، وان يشرك برلمانات العالم بطريقة ممنهجه تعكس مدى انتهاك إسرائيل للقوانين الدولية وضرورة تفعيل الدور الاممي في مواجهة هذه الانتهاكات.

رابعا-ً أن المجلس التشريعي بحكم صفته التمثيلية يجب أن يسعى دون كلل لتوحيد الصفوف وإنهاء الانقسام وعودة الحياة السياسية الطبيعية؛ إذ انه مع استمرار الانقسام فان الموقف الفلسطيني سيبقى ضعيفاً ويؤدي للشلل في العمل السياسي، لا بل في المجالات الحياتية والمؤسساتية المختلفة. ولا شك لدي بان القدس، ناهيك عن الأولويات الفلسطينية برمتها، تتأثر سلباً باستمرار حالة الانقسام مع تبعاتها المؤلمة على الشعب الفلسطيني وقضيته.
خامساً- بحكم واقع الانقسام وشلل المجلس لتشريعي وضرورة الاحتكام للشعب، فان المجلس التشريعي مطالب بالعمل على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية بأسرع وقت. ولا يمكننا ترتيب بيتنا الفلسطيني دون الاحتكام للشعب والذي هو مصدر السلطات.

إن أولويات الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تتحقق إذا لم يمارس اللاجئون منا حقهم في العودة، وإذا لم تتحرر القدس، وتزال المستوطنات، ويسقط جدار العزل العنصري، أي أن الوصول لإقامة الدولة يجب أن يتأسس على الثوابت الوطنية وعلى حقنا في الأرض وفي تقرير المصير والخلاص من الاحتلال بشكل كامل حتى نبني دولة فلسطينية قابلة للحياة ذاتياً ولا تخضع لابتزازات الاحتلال وممارساته.

ولغرض الوصول لهذا الوضع فعلينا بالوحدة؛ إذ أنها الكفيل الأول والأخير لنجاح مسيرتنا ولتحقيق أمانينا.

---------------
*د. برنارد سابيلا، استاذ جامعي وعضو المجلس التشريعي، محافظة القدس.