*بقلم: رومي يتسحاكي

أنا خائفة... أنا خائفة! عندما يذكرون على مسمعي موضوع حق العودة، أخاف. ولست أنا وحدي من يشعر مثل هذا الشعور. فإذا التقيتم مع الإسرائيلي العادي في الشارع، وذكرتم أمامه موضوع حق العودة، ستكون ردة فعله رهبة وخوف على وجوده. بالطبع، خوفي ليس بالأمر العفوي. وإنما هو ملفوف بالقصص التي سمعتها طوال حياتي. ت

صل هذه القصص من مصادر مختلفة: جهاز التعليم، وسائل الإعلام، الحكومة، الرأي العام، التعليقات على المقالات على شبكة الانترنت- ولكن جميعهم أوفياء لوجهة نظر واحدة. "العرب"، هو أسم شامل وواحد للفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل، أراض السلطة الفلسطينية، وللفلسطينيين الموجودين في أرجاء العالم- والذين يريدون محاصرتنا. الاعتراف بحق العودة مفهومه، هو الطبق الفضي الذي ستسلم عليه دولة اليهود، هو المفتاح الذي سنضعه بأيدي أعدائنا ليحققوا به رغبتهم المهددة. حق العودة، هو بكاء الخوف الذي سيلغي حلمنا، وثمنه سيكون: إبادتنا.

المشكلة هي أن التعامل مع حق العودة يبقى ثابتا في وجهة نظري دائما، انا المواطنة اليهودية في دولة إسرائيل. دائما تسأل: ما الذي استحقه، ما الذي يزعجني، ما الذي يخيفني، ما الذي يؤذيني؟ مفهوم العودة كحق يتعلق دوما بالسؤال التالي: العودة ليست بالمكافأة التي يمكنني أن أختار منحها أو عدم منحها، إنها حق طبيعي لا نستطيع رفضه أو حتى أن نطلب وضعه جانبا فقط لأنه غير ملائم لحديثنا.

الاعتراف بالعودة كحق لا يخفف من خوفي أبدا. ولكن هل أنا على استعداد بأن اسمح لخوفي بأن يقرر؟ هل يجب على مخاوفي أن تدعم أذية الصدق والظلم الاجتماعي؟ هل خوفي هو سبب كاف لمنع إنسان آخر، وشعب كامل مما يستحقه؟

المشكلة هي أن حق العودة هو أمر محظور ومحرم في المجتمع الإسرائيلي: ليس فقط يمنع تحقيقه وإنما يمنع الحديث عنه. كون حق العودة محظور ومحرم فإن ذلك يزيد من حدة الخوف والتهديد. الخوف كبير جدا، هائل، متطرف، يشلّ- فهو لا يعطي إمكانية الحوار، الشخصي ولا العام. ولهذا، فإن كون حق العودة محظور ومحرم يضيق إمكانية البحث عن حل عملي للواقع الذي لا يمكن الموافقة عليه.

اعتدت التفكير في حق العودة بشكل ثنائي، مثل "شجرة متشعبة" اتخاذ القرار التي تشمل احتمالين فقط: الاحتمال الأول هو رفض قاطع لحق العودة (وتبديله بتعويضات مالية)، والاحتمال الثاني هو عودة كاملة لكل اللاجئين بصورة (ممكن) أن تهدد استمرار قيام دولة إسرائيل. واضح ما سأختاره من بين هذين الاحتمالين. وواضح ما سيختاره كل إسرائيلي. هل هنالك طرق أخرى لاختبار الواقع؟

حتى نتقدم لحل بهذا المسار المتعرج وكثير الشكوك، يتوجب علينا إعادة ترسيم المناطق الحرام واستبدالها بحوار مفتوح وحر. الطريقة الأمثل لمحاربة الخوف تأتي من خلال المعرفة والتفكير الشامل بالجوانب العملية لحق العودة التي تزوّد بداية حيويّة للتفكير، وبفتح طريق جديدة لمواجهة المخاوف الناتجة عنها. وبدلا من الانشغال بمنع حدوثها بشتى الطرق والقوة، وصرف النظر وغلق الأذنين- يجب أن نشجع الحوار حول الطرق الفعلية لتحقيق حق العودة، وأن نتعلم من نزاعات أخرى بالعالم، وفحص مفاهيمها العملية ومواجهة التحديات والمشاكل الناتجة عنها.

هل الاقتراحات الملموسة ستخفف من الخوف الراكد في قلبي؟ هل ستعطيني هذه الاقتراحات ضمانة لحياة أفضل؟ هل تستطيع أن تتنبأ المستقبل وتهدئ من روعي؟ لا أدري. ولكن يجب أن نبدأ المسار حتى نصل لنقطة تكون أفضل من الواقع الذي نعيشه، وهذا أكثر ما يمكن أن أتمناه لنفسي، لشعبي، وللشعب الآخر الذي يتوقع الالتحام مع أراضينا، على جانبي الحدود.

----------------------------------
*رومي يتسحاكي: فنية في مجال الانترنت والكومبيوتر.