بقلم: د. برنارد سابيلا

هل ينتشي اللاجئ الفلسطيني بربيع عربي بعد 63 عاما من اللجؤ؟ حالة النشوة غالبا ما تكون عابرة، إذ يتأثر دماغ المرء بما يراه أو يشعر به ومن ثم تتلاشى الحالة بتلاشي العامل الذي أثارها في البداية. وفي وضع اللاجئ الفلسطيني فان الربيع العربي يولد إحساسا لا أصفه بالضرورة بالنشوة وإنما بالأمل، أو ببعضه على الأقل، بان التغيير يحدث حتى وان لم يكن متوقعا وبالتالي فهناك دائما إمكانية بحدوث اللامتوقع. لا اتفق بوصف حالة اللاجئين الفلسطينيين من الربيع العربي وكأنها حالة نشوة. ذلك لان اللاجئين لم يجلسوا طوال 63 عاما وهم نيام ومن ثم جاء الربيع العربي لينتشوا! فاللاجئون الفلسطينيون في معظم أماكن لجؤهم عملوا جاهدين لكسب أودهم وتعليم أبنائهم وبناتهم وحافظوا على كرامتهم ومعها على ذكرياتهم ليبقوا الأمل حيا في حقهم بالعودة وفي الارتباط بالأرض رغم البعد ورغم مرور السنين.

السوأل الأهم هو: هل يؤثر الربيع العربي بشكل مباشر على إمكانية تحقيق ما يصبو له اللاجئ الفلسطيني؟ المتفائل منا يقول بان أي تغيير في العالم العربي سيؤدي لا محالة لتقوية الحق الفلسطيني ولإمكانية ممارسة حقوقنا المشروعة وعلى رأسها حق العودة. ومن هنا تأتي حالة النشوة. ولكني لا اعتقد بان الحل سيأتي من الربيع العربي بالضرورة؛ بل هو ترجمة لإرادة ذاتية وتجربة حياتية. وطبعا فالربيع العربي لا بل المناخ العربي بشكل عام المواتي لدفع حقوق المواطن قدما ولوضع الدول العربية على طريق الاهتمام بأمن المواطن أولا وأخيراً، هو بلا شك مهم لتمكين اللاجئ الفلسطيني من تقرير مصيره وتحقيق أمانيه. وإذا ما توفر هذا المناخ العربي المواتي فلا شك بان "نشوة" اللاجئ الفلسطيني بالربيع العربي ستؤدي لحالة دائمة وليس فقط لحالة عابرة سرعان ما تختفي.

إن ما يحدث في العالم العربي اليوم هو حراك مرحلي، ولا بد لهذا الحراك من أن يترك بأثره على طبيعة الأنظمة وعلى التركيبة الاقتصادية-الاجتماعية في الدول العربية وعلى نوعية المشاركة السياسية. أما إذا ظل هذا الحراك مجرد دافع لنشوة هي الأخرى عابرة، فان الحراك الحالي لن يؤثر على وضع اللاجئين الفلسطينيين وعلى آمالهم بتحقيق حلم العودة. فالاحتفاء بالربيع العربي على انه الأمل وعلى انه سيحدث التغيير المطلوب على الواقع السياسي العربي والإقليمي، وبالتالي سيدفع باتجاه ممارسة حقوقنا المشروعة، هو احتفاء بحاجة لمزيد من العقلانية والتفكير وربما الانتظار.

فالنشوة لا تكفي بحد ذاتها وإنما علينا بلورة إستراتجية للوصول لحقوقنا قائمة على دراسة معمقة للواقع العربي والإقليمي والدولي. أرسل الربيع العربي برياحه المنعشة ولكنه لا يكفي، بحسب اعتقادي، كما هو عليه الآن لنقلة نوعية في مجتمعاتنا العربية تكون أساسا لدفع الحل العادل والدائم للأمام على أساس الشرعية الدولية وفي مقدمتها حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة وفي الاعتراف بما لحق بهم من أذى وضرر طوال السنوات الثلاث والستين الماضية.
---------------------------
*د. برنارد سابيلا: عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، القدس المحتلة.