الحراك الشبابي الوطني الفلسطيني ثوري خارج النمطية والقولبة

بقلم: جنان عبده*

اكتسحت ثورات الشباب العربي شوارع العديد من المدن والعواصم والقرى العربيةمنذ عامين تقريبا. وامتلأت صفحات التويتر والفيسبوك بصور المتظاهرين وبشعارات تطالب بالثورة والتغيير. وقد كان مضمون الشعارات المرفوعة في التظاهرات أو المرسومة على جدران الشوارع، أو تلك التي تم تعميميها بالوسائل الالكترونية المذكورة،  قد شمل روح الثورة والمطالب التي وقفت في مركزها، من "حرية وعدالة اجتماعية"، وصولاً إلى إسقاط الأنظمة الرجعية القمعية وزوالها والمطالبة بمحاكمة رموز هذه الأنظمة، والمطالبة بأنظمة ديمقراطية، وبممارسات ديمقراطية. كذلك اشتمل مضمون الشعارات الاعتراض على حكم العسكر أو قبضة أجهزة الأمن والمخابرات، ولم يكن الشباب الفلسطيني خارج هذه الصورة. وفي ظل هذا الربيع العربي والحراك الشبابي الثوري الشعبي في البلدان العربية التي لم تعد ترضى بالاستعمار سواء الخارجي أو الداخلي، برز دور الشباب الفلسطيني أيضا.

تاريخيا لعب الشباب الفلسطيني دورا رئيسيا في مناهضة الاستعمار على ارض فلسطين وفي مقاومة الصهيونية، سواء بأشكاله السلمية أو بالكفاح المسلح. ولاحقا في مقاومة الوجود الإسرائيلي وسلب الأرض وتهجير الشعب. وتميزت الانتفاضة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة بالحضور الشبابي فيها، حيث امتلأت السجون الإسرائيلية فترة الانتفاضة الأولى والثانية بأعداد هائلة من الأسرى الشباب والشبان صغار العمر، الذين تم اعتقالهم على هذه الخلفية. 

وفي الداخل الفلسطيني، أي داخل ما يعرف بالخط الأخضر، لعبت حركات سياسية وشعبية أدوارا في مناهضة "الأسرلة" ومنع محاولات محو الهوية الفلسطينية، وفي مقاومة المشروع الصهيوني بالسيطرة على الأرض-البيت- المكان، فتشبثوا بالهوية بكل مقوماتها. وشهدت المقاومة حضورا وحراكا شبابيا في كل المعارك منذ النكبة، مرورا بمقاومة سياسات الحكم العسكري، ومقاومة سلب الأرض وتهويدها سواء في الجليل مع خطة "كيننغ" التي انتهت بالمقاومة الشعبية والتي يتم إحيائها سنويا في يوم الأرض، ومخطط "برافر" في الجنوب الذي يلقى تصديا ضخما، و وأيضا قانون الخدمة المدنية ومواجهة الخدمة العسكرية وجملة السياسات الاقتلاعية الصهيونية.

برز دور الحراك الشبابي الفلسطيني في فلسطين المحتلة عام 48 والمحتلة عام 67 في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ. وأثبت نفسه بجدارة على ساحة العمل الوطني. ويمكن القول أنه سبق القيادات التقليدية والأحزاب في حراكه السريع والشعبي وفي تحديث طرق التظاهر والتجنيد واستعماله لتقنيات الفيسبوك والتوتير واليوتيوب وتسخيرها لمعركته.

يطرق هذا المقال القضايا الأهم في الحراك الشبابي الفلسطيني، ويعرض التحركات الشبابية الأبرز في فلسطين المحتلة عام 48 والمحتلة عام 67، مع تسليط الضوء على اوجه التشابه، في المضامين، والهموم، والتقاطع والتعاون في العمل  على جانبي الخط الأخضر.

الحراك الشبابي الفلسطيني

إن كون الثورة الحقيقية لا تكتمل إلا إن كانت ثورة تنادي بالعدل الاجتماعي وبوقف التمييز على أساس الطبقة أو الدين أو الجنس، او العرق،  فإن مراجعة الشعارات التي يحملها الحراك الشبابي الفلسطيني في السنتين الأخيرتين تدلل على أنه حراك واعد، وأن "أوسلو" لم تنجح في القضاء على الروح الثورية والوعي الوطني لدى شبابنا الفلسطيني، وأن كل سياسات اسرائيل بهدف "أسرلة" فلسطينيي 48 ومحو ذاكرتهم وانتمائهم الوطني لم تنجح أيضا. حيث يدمج الحراك الشبابي بشكل واضح بين مفاهيم الثورة الحقيقية فيقاوم الاحتلال بكل تجلياته، ويدعو  لضرورة وقف الانقسام الداخلي وينبه من خطورة العودة للمفاوضات، ويؤكد على أهمية التشبث بالثوابت الفلسطينية في محوريها: الأرض والإنسان. وقد وضع الشباب قضية تحرير الأسرى في صلب مطالبه، كما أنه يرفض التطبيع ويرفض الأسرلة، ويرفض ويقاوم العنف الداخلي والطائفية والتمييز الطبقي والتمييز ضد النساء على أساس الجنس.

الحراك الشبابي في فلسطين 48

تاريخيالعبت الحركة الطلابية في مناطق الـ 48، دورًا هامًا في تنظيم الطلاب ومتابعة قضاياهم وتعبئتهم وطنياً،وتبوأت قيادات الحركة الطلابية فيما بعد مناصب قيادية مختلفة في الأحزاب وأطر تمثيلية كلجنة المتابعة والجمعيات الأهلية. ورغم التراجع الذي تشهده الحركة الشبابية الحزبية والطلابية أحيانا في أدائها،  فان حراكها يبقى سباقا ويسبق في مواقفه وتحركاته في كثير من المرات الأحزاب التي ينتمي لها.

منذ الثورات العربية  برز على المستوى الشعبي وفي الجامعات الحراك الشبابي الذي سبق الأحزاب ولجنة المتابعة بردة فعله وبآليات التظاهر التي استحدثها وباستخدام التقنيات الحديثة لنشر أفكاره والتجنيد لنشاطاته. وليس صدفة أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية ترصد تحركات الشباب الوطني على الفيسبوك والتويتر، فقد صرح محققوها للشباب والشابات الذين تم استدعائهم للتحقيق بعد الحراك التضامني مع أسرى الحرية في "إضراب الأمعاء الخاوية" الذي انطلق في أيلول الماضي ولاحقًا في آذار-نيسان 2012، على أنهم يراقبون كل ما يكتب وينشر هناك.

طبعا الحراك الشبابي الشعبي على مستوى حزبي الذي تقوم به شبيبة الأحزاب، سواء انتظمت بأطر خاصة ضمن الحزب كما في التجمع الوطني الديمقراطي والحزب الشيوعي وأبناء البلد، أو اندمجت بهيئات الحزب كما في الحركة الإسلامية؛ فإنه مستمر، لكنه يتبع لقرارات الحزب ويدور في إطاره. والحراك في قضايا معينة كقضية الأسرى شهد تفاوتا بين شبيبة الأحزاب وبين الأحزاب نفسها، وأحيانا للأسف يشهد هو الآخر توترا وتنافسا لا يعود لمصلحة القضية نفسها فيصير المكسب الحزبي فوق القضية ذاتها، الأمر الذي دفع مجموعات شعبية كـ "جائعون للحرية" مثلا، للانطلاق متخطية الخلافات والمسابقات الحزبية.

قضية أسرى الحرية في صلب الحراك الشبابي في 48 و67

نلاحظ فيما يتعلق بقضية أسرى الحرية، أن الشباب الفلسطيني من مناطق 67 و 48، قد توحد بالشعار وبالمطلب في تحرير الأسرى وفي تجنيد الشارع لأخذ دوره في هذه القضية، وفي حث السلطة الفلسطينية على عدم التخاذل وعدم دخول المفاوضات مع الإسرائيليين. وانعكست هذه المطالب في التظاهرات والاعتصامات وفي دخول الشباب في إضرابات تضامنية عن الطعام، كما أن صفحات على الفيبسوك والتويتر والمواقع الالكترونية تم فتحها خصيصا لهذا الهدف. كان الأبرز ضمنها: جائعون للحرية، الحراك الشبابي، شباب من أجل الأسرى، "شباب بنحب البلد" شباب التغيير، الحراك الشبابي للأسرى المحررين، حراك حيفا، مجموعة غسان كنفاني-عكا، ثوري على كل سلطة.

 وقد برز بشكل خاص الحراك  الشبابي من قبل مجموعات مسيّسة لكن  مستقلة إلى جانب روابط الطلاب الأكاديميين، خاصة في قضية إضراب "الأمعاء الخاوية" الذي خاضه أسرى الحرية في أيلول الماضي 2011. المميز في بنية مجموعة "جائعون للحرية "اذا ما تعاطينا معها كمثال، أنّها قامت بالأساس بمبادرة الشباب أنفسهم، وليس بمبادرة حزب أو جمعية، وأنها تحمل الهمّ القومي والقضية الوطنية.مع أن المنتمين لها مسيسين ومنتمين سياسياً لكنهم سبقوا الأحزاب ولجنة المتابعة وكانوا محدثين في أساليب التظاهر. وتم استعمال تقنيات الفيسبوك بشكل خاص وتسخيرها للقضية. كما أتاحت  الإمكانية أيضا لفئات شعبية وطلابية وعمال وغير محزبين للانضمام لها والتعبير والمشاركة من خلالها.

كانت المجموعة قد نظمت سلسلة من النشاطات. ففي حيفا أقيمت خيمة إعتصام وتم تسمية ساحة في وسط حيفا بساحة الأسير، ورفعت الأعلام الفلسطينية وشعارات التضامن مع أسرى الحرية. حيث خاض في حينه 12 شابا وفتاة إضراباً تضامنياً عن الطعام بموازاة إضراب الأسرى واستقطبت شخصيات وطنية ومن الناشطين/ات في القضية وفنانين/ات، إضافة إلى أهالي أسرى، حيث تمت استضافتهم في الخيمة ليتحدثوا لجمهور الشباب الذي كان يلتقي يومياً وغالبا ما كان اليوم يبدأ بمسيرة وحمل شعارات ثم اجتماع. ومما جاء في بيان تأسيس المجموعة:

لقد مرّ الأسبوع الثاني من جوع أبناء شعبنا الأسرى في سجون الإحتلال، في إضرابهم عن الطعام إحتجاجاً على إعتقالهم في أحقر الظروف الممكنة، وقد آن الأوان لنثبت موقفاً حاسماً يعيد معاناة الحركة الأسيرة إلى رأس سلم الأولويات في نضال شعبنا الفلسطينيلذا، فقد بادرت مجموعة من الشابّات والشباب من داخل فلسطين المحتلة ومن كل الأطياف والفئات السياسية، إلى إعلان الإضراب المفتوح عن الطعام والاعتصام في مدينة حيفا، انطلاقاً من يوم السبت، الموافق 8.10.2011، تمام الساعة الثامنة مساءً، تضامناً مع مطالب الحركة الأسيرة، وتماهياً مع نضالها الشرس ضد الإحتلال وسجونه...

تهدف هذه الخطوة إلى إعلان الدعم الكامل لمطالب الحركة الأسيرة، وأولها الحرية الكاملة من الأسر. وكذلك إلى رفع الوعي وتجنيد الدعم الجماهيري والمؤسساتي إلى نضال الأسرى ومعاناتهم، وتشكيل أرضية صادقة لانطلاق الاحتجاج الشعبي العنيد والمُلحّ ضد الاحتلال وسجونه...

 من الضروري أن نؤكد أننا نعتبر كل الفئات الوطنية شريكة في هذا العمل، ومدعوة للمساهمة والدعم والمشاركة في إحياء النشاطات والمبادرات. ونحن نناشد الحركات والأحزاب الوطنية، وكذلك الجمعيات الأهلية، خاصةً العاملة في مجال حقوق الإنسان، والحركة الأسيرة والشؤون القانونية، بالانضمام إلى هذا النضال الوطني الموحّد الذي لا يهدف إلا للمطالبة بحق المناضلين ضد الإحتلال بالحرية، منسجماً حتى النهاية، مع مطالبهم وقراراتهم. كما ونوجّه مناشدة خاصة وحارة إلى أهلنا، أهالي أخوتنا الأسرى داخل أراضي الـ48، للوقوف إلى جانبنا.

من الشعارات التي ميزت هذه التحركات كانت شعارات عامة تخص جميع الأسرى وشعارات تحدثت عن أسرى بشخوصهم وشملت أسرى ال48، نذكر من هذه الشعارات : "إصحوا كي لا أموت"، "نحن أيضا كرامتنا أغلى من الذهب"،"صمتنا حكم إعدام بحق أسرانا الأبطال،صمودهم صمودنا"تحيتنا العالية ... للأمعاء الخاوية"،"ويا انتفاضه اشتدي اشتدي... في كل السجون امتدي... صبي نارك ع المتعدي"؛ " يا أسير سير سير... وإحنا معاك للتحرير"؛"قسماً قسماً عاهدنا... اسرانا اللي في السجونعهد الثوره ما بنخون... لا متساده ولا نحشون فلتسقط كل السجون ... من نفحه حتى الدامون".

وعلى جزء آخر من ضفاف فلسطين، تبنى الشباب الفلسطيني في مناطق 67 والقدس قضية أسرى الحرية ورفض الانقسام والمفاوضات ورفض التطبيع في محور أعماله وانعكس في شعاراته وتظاهراته أيضا.

في تاريخ 13\3\2011 أُعلن عن إضراب مفتوح عن الطعام على دوار المنارة في مدينة رام الله من قبل العديد من الشباب، شباب 15 آذار والحراك الشبابي المستقل، متحدّين الملاحقة والاعتقال والاعتداءات. بعد "المصالحة" أنهى الشباب اعتصامهم، واتخذ شكل الحراك الشبابي في التوسع ليشمل قضايا أخرى مثل أحداث النكبة في 15 أيار، التضامن مع الحراك العربي، مناهضة فعاليات تطبيعية والتصدي لها. وفي هذه المرحلة اللاحقة بدأت محاولات لتوحيد الجهود ما بين المجموعات الشبابية، لكن مسعى توحيد الحركات الشبابية في جسم واحد لم ينجح لعدة أسباب نحن بعيدين عن الخوض بها في هذا المضمار.

نجحت حركة "شباب منحب البلد" في إلغاء أكثر من لقاء تطبيعي منها في القدس وبيت جالا. ومع هذا، فقد اتفقت المجموعات مع بعضها على أن زوال الاحتلال والنزول إلى الشارع وإعادة الحياة للشارع على اعتبار انه الفيصل في نهاية المطاف. وهناك آراء تقول أن المشاركة في مسيرات النبي صالح في يوم السلام العالمي الذي وافق 25-9-2010، وأول صدام مع السلطة حول التضامن مع الثّورة التّونسية على دوار المنارة أيضا قد مهد لهذا الحراك؛ وكانت المرة الأولى التي يصطدم فيها الشباب بالحقيقة الخشنة التي مفادها "إنّنا نملك سلطة قمعية تشبه الدّول العربية المجاورة" على حدّ تعبيرهم.

حملت مجموعة الخامس من حزيران تزامناً مع النكسة، قبل أنْ يتغيّر اسمها إلى الحراك الشّبابي المُستقلّ،شعارات من نوع "على التفاوض ثورة وعلى المفاوض ثورة".أصرّت المجموعة على رفع شعار المجلس الوطني إلى جانب إنهاء الانقسام، لكن البعض أكد أنّ انتخابات المجلس الوطني وترتيب البيت الفلسطيني هو شعار رفعه اليسار منذ التسعينيات، فهو ليس بالمطلب المستجد بقدر ما هو ضروري.

لقد حدّد الحراك ثلاثة محاور للعمل. الأوّل، موضوع إنهاء الانقسام، والثّاني قضية الأسرى، والثالث التّطبيع والتّمويل الخارجي، فتعاون مع مجموعة شبابية أخرى حديثة، أطلقت على نفسها فيما بعد "شباب بنحب البلد".اللذين كان بينهما انسجام فكري وطبقي ليس حزبيا.وقد نظروا بعين التفاؤل إلى النضال الذي تقوم به الحركة الأسيرة، معتبرين انه حلقة مهمة في نضال الشعب الفلسطيني ورأوا فيه بداية التّغيير. وقد انطلقت حركة "شباب بنحب البلد" على دوار الساعة في رأس السّنة تحديدا حيث رأى المبادرون لإقامتها أن "التّطبيع وصل حدّه"، وعليه فقد قرّر مجموعة من الصحفيين والكتاب من مشارب مختلفة أنْ يتصدروا ما اعتبروه واجباً.

رفض التطبيع ورفض عودة الجانب الفلسطيني للمفاوضات "المذلة"

كانت زيارة موفاز المرتقبة، بمبادرته والتي قبلتها السلطة الفلسطينية،  قد أثارت الشارع الفلسطيني والشباب الذي انطلق بالتظاهرات في رام الله رافضا المذلة. وجاء رد فعل أجهزة الأمن الفلسطيني بشكلعنيف ومفاجئ، حيث طال الشباب والنساء والصحفيين دون أي رادع، وتبعه حملة اعتقالات واسعة في أوساط الشباب. وقد ذكرّت المشاهد في رام الله كما قال الكثيرين بما يحدث في أرجاء الوطن العربي وقمع الأنظمة العربية لثورات الربيع العربي، وذٌكرهم بالمواجهات مع  الجيش الإسرائيلي بشكل محزن ومؤسف. وقد رفعتشعارات مثل: "الشرطة في خربة البلد؛الشعب يرفض شروط الرباعية الدولية؛ الشعب يريد محاكمة ومحاسبة سلطة الحاكم العسكري؛ لا للأجهزة الأمنية التي تخدم أجندة العدو الصهيوني وتنسق معه". وقد تم على الفيسبوك تعميم صور أفراد من الشرطة وأجهزة الأمن الفلسطيني وهم يعتدون على الشباب الفلسطيني- وتمت دعوة الشارع إلى فضحهم وفضح ممارساتهم ونشر أسمائهم والمطالبة بمحاسبتهم ومحاسبة المسؤولين عنهم وعدم التعامل مع الأمر على انه حدث عابر.

قضايا إضافية محورية يحملها الشباب الفلسطيني في مناطق 48: (يوم الأرض وذكرى النكبة)

إن قرار لجنة المتابعة العليا الموجه للجماهير العربية هذه السنة بعدم إعلان الإضراب الشامل، في يوم الأرض، كان قد لقي نفورا كبيرا بين أوساط الشباب،  وقد انطلقت حملة أيضا عبر الفيسبوك والتويتر تدعو الى الإضراب رغم قرار لجنة المتابعة. حيث اعتبره الشباب قرارا خاطئا، وكتبت شعارات مثل: "انا مضرب شو معك"، "المتابعة بدها متابعة". وبرز أيضا في الداخل الفلسطيني حمل شعارات وارتداء قمصان تحمل موقفا من اوسلو ومن موقف السلطة الفلسطينية من قضية أسرى 48 القدامى، وجاءت شعارات مثل: "أبقونا في سجون من صافحوهم". ولم يقتصر يوم الأرض هذه السنة على حمل شعارات يوم الأرض المعتادة، بل لوحظ حمل شعارات متنوعة كان بينها أيضا شعارات تحمل مواقف مما يحدث في سوريا.هذا الأمر وهذا الحضور البارز الشبابي برز أيضا في يوم النكبة. ما بات واضحاً، هو أن الشباب الفلسطيني والجيل الصاعد،  يحمل بشكل واضح هموم شعبه ووطنه، هذا على الرغم من الشرذمة الجغرافية، واستحالة التواصل بين القطاعات الأوسع من الشعب الفلسطيني بمختلف أماكن تواجده.

كما وشهدت مسيرات يوم الأرض ويوم النكبة ومسيرات العودة شعارات ترواحت بين مطالبة القيادات التقليدية الأحزاب ولجنة المتابعة لإصلاحات وحثها على ضرورة التغيير وبين أصوات نادت بتنحيها.وذلك إضافة للشعارات التقليدية التي تحدثت عن الحدث نفسه.

كسر حاجز الخوف وكشف الملاحقات السياسية والتحقيقات

من الواضح أن الحراك الشبابي الفلسطيني في اتساع، ويبرز تبني القضايا الأكثر إلحاحا كما قضية الأسرى، الخدمة المدنية، التطبيع والمفاوضات، إنهاء الانقسام، العنف الداخلي. ومن المهم وجود التنسيق بين مجموعات الشباب المختلفة وتخطي الحواجز التي تفرضها دولة اسرائيل على الجغرافية وتوحيد الصفوف رغم الاختلافات الموجودة والخلافات التي تنتج أحيانا. ويتضح أن خوف المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة الأكبر هو من هذا الحراك؛ وخاصة كونه جيل المستقبل الواعد الذي يسيطر على التقنيات الالكترونية الحديثة ويسخرها لمعركته. وليس من سبيل المصادفة أن تتابع أجهزة الأمن مواقع الفيسبوك والتويتر وترصد ما ينشر وما يكتب هناك. وأن تقوم بحملات تحقيق جماعية مكثفة مع الشباب اللذين يشاركون في الاعتصامات، كما حدث بعد الإضراب عن الطعام في أيلول الماضي وكما حدث مؤخرا مع تجدد الإضرابات والاعتصامات.

لكن ، كما قام الشباب العربي في تونس ومصر وسوريا والبحرين والسودان بقيادة الثورة وتأجيج نارها، كذلك يفعل الحراك الشبابي الفلسطيني، وسيستمر؛ لأنه صاحب قضية وصاحب حق.

----------------

* جنان عبده: باحثة مختصة في شؤون المرأة والشباب العربي، زوجة الأسير في سجون الاحتلال أمير مخول.