الهوية الفلسطينية في اسرائيل منذ الانتفاضة الأولى: استمرارية حضور النكبة

بقلم: منار مخول*

خضعت الهوية الفلسطينية للعديد من التحولات منذ العام 1948، أي العام الذي أقيمت فيه دولة اسرائيل.وقد كان على المواطنين الفلسطينيين في اسرائيل الخضوع لنظام سياسي هدفه الأساس محوهم وإلغاء وجودهم: إذ ان الإقصاء ونفي الوجود هذه متأصًلة تاريخيا كأحد دعائم فكر الحركة الصهيونية. لقد اتخذ محو الوجود الفلسطيني من فلسطين عدة أشكال؛ منها الفكري، إذ صورت الحركة الصهيونية فلسطين على أنها ذلك المكان الأمثل لإثبات جدارة مقولة "أرض بلا شعب"، وكان هذا قبل وقت طويل من قيام دولة إسرائيل، ومن أوضح التجليات المادية لهذا النهج وأبرزها يتمثل في التطهير العرقي، أي المحو الديموغرافي، لغالبية المجتمع الفلسطيني من فلسطين خلال حرب 1948-1947 وما تلا هذا التاريخ من استمرار لنكبة الشعب الفلسطيني.1 جوانب أخرى من المحو تجري على المستويات الاجتماعية والسياسية واللغوية. وفي هذا الاتجاه، نجد أن ياسر سليمان على سبيل المثال،2 عمل على إجراء تتبع ومسح واسعين لعملية المحو الاجتماعي-اللغوي المتعلق بالتاريخ الفلسطيني، من خلال النظر إلى الأسماء وأسماء المواقع الجغرافية وأسماء الرموز. وفي إطار مماثل يصور نور مصالحة،3 بالتفصيل، القواعد التاريخية والسياسية والأيديولوجية لسياسة المحو التي نفذتها اسرائيل ضد المواقع الفلسطينية في اسرائيل، كما هو الحال للأنشطة الفلسطينية التي تقف في مواجهتها. المحو التاريخي للفلسطينيين سواء كان بأحد شقيه أو كلاهما: مادياً و/أو تاريخياً لُخص بشكله الأفضل من قبل "أورين يفتحئيل"، حيث يقول:

 إن  عملية المحو، على مدار عدة عقود، كانت ولا زالت تدار من قبل أجهزة الدولة اليهودية، تلك التي تهدف لمحو ما تبقى من المجتمع العربي الذي عاش في البلاد حتى عام 1948، وإنكار الكارثة التي لحقت الأمة التي كانت تعيش هنا من قبل الصهيونية. المحو الذي جاء بعد أعمال العنف، الترحيل، والطرد وهدم القرى مرئي ويمكن  لمسه في جميع الخطابات، وفي الكتب، والتاريخ الذي يرويه المجتمع الصهيوني حول ذاته، وكذلك في الخطاب السياسي، ووسائل الإعلام، والخرائط، والآن أيضا في أسماء المواقع، الطرق والتقاطعات. ففلسطين الواقعة تحت اسرائيل التي تقوم على أنقاضها، تختفي من الواقع المادي والخطابي لليهود الإسرائيليين.4

وكنتيجة للتناقض ما بين المحو/الإلغاء الصهيوني الأيديولوجي والوجود الفعلي للفلسطينيين، أصبح المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل "الحاضر الغائب". وعلى الرغم من أن هذه التسمية صيغت بيروقراطيا للإشارة إلى الفلسطينيين المهجرين داخلياً في اسرائيل، إلا أنه يتسع ليس فقط ليوضح إن الأرض حيث يعيشون تعود للفلسطينيين المهجرين داخليا؛ بل وان الثقافة السائدة ليست ثقافتهم وكذلك الدولة ليست بدولتهم.5 ومع ذلك، فإن مصطلح "الحاضر الغائب" لا يعبر عن الديناميكية الفعلية للتجربة الفلسطينية كما هو موضح أعلاه. أما فيما يرتبط في جانب "الغائب" من المصطلح فلا ينبغي أن يشع بالسلبية، بالضرورة، نظراً لأنه عمل مستمر يتم تطبيقه على الفلسطينيين في اسرائيل. وهكذا، فإن الطريقة الأفضل لوصف التجربة الفلسطينية في اسرائيل هي من خلال المصطلح "الحاضر المغيَّب"، أو "الحاضر المحذوف/الممحى". ويتعرض المواطنون الفلسطينيون في اسرائيل، وهم السكان الأصليون في فلسطين الذين يعيشون تحت ظل هيمنة دولة اسرائيل الآن، لعملية مستمرة من التغريب (من الاغتراب) بحكم خصوصية الفضاء المحيط بهم- المفروض عليهم.

لقد تعامل المواطنون الفلسطينيون في اسرائيل مع عملية محاولة إزالتهم ومحو وجودهم بطرق اختلفت وتباينت على مر السنين. وعليه، يسعى هذا المقال  لتقديم مآلات الهوية الفلسطينية ومسار مقاومة الانتفاء/المحو، منذ اندلاع الانتفاضة الأولى في عام 1987. حيث سيرتكز المقال على تحليل مجموعة من الروايات التي نشرت من قبل فلسطينيين ممن يعيشون في اسرائيل ما بين العام 1987 والعام 2010. إذ تعكس مجموعة الروايات هذه جوانب من الخطاب الفلسطيني في اسرائيل خلال هذه الأعوام. بينما في روايات أخرى، غير مذكورة هنا، يمكن تلمس انعكاس الأبعاد الأخرى للهوية الفلسطينية في اسرائيل.

فلكلرة النكبة:

اجتاحت الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 الضفة الغربية وقطاع غزة، متخذه شكل الاندلاع الإنتفاضي الشعبي رداً ومقاومةً على 20 عاما من الاحتلال الإسرائيلي العسكري. وقد جاءت جملة من العوامل مرادفة للإطار الزماني لهذه الانتفاضة، من انهيار الاتحاد السوفيتي، وما تبعه في حرب الخليج في عام 1991 والتي أفضت بدورها لبروز أفق مستجد على حلبة القضية الفلسطينية والجدل الدائر فيما يتعلق بجنباتها، فجاءت محادثات مدريد للسلام في عام 1992، متبوعة بمحادثات أوسلو السرية. ومن ثم استمرت عملية "السلام" هذه حتى عام 2000، حيث انهارت هذه الأنظمة بشكل شبه كلي مع اندلاع الانتفاضة الثانية.

بينما نقلت الانتفاضة الفلسطينية الأولى، والتطورات المرتبطة بها الفلسطينيين في اسرائيل إلى نقطة ضرورة إعادة النظر في موقعهم السياسي والهوياتي في ضوء عملية "السلام" التي استثنتهم بشكل نهائي من أي حل مع إسرائيل، جاء اندلاع الانتفاضة الثانية في عام 2000، لترسم التحول في مسار المشاركة السياسية الفلسطينية في اسرائيل، واتضح ذلك من خلال المظاهرات المحلية التي جرت لإبداء وحدانية الموقف والتكاتف مع نضال الفلسطينيين الموجودين في الأرض المحتلة عام 1967. كان لهذه الأحداث تأثيراً ملحوظاً على الهوية الفلسطينية في اسرائيل، كما ولا يمكن نفي أنه ومنذ منتصف الثمانينات شهدنا جهوداً فلسطينية واضحة في محاولة لكشف تاريخهم والحفاظ على ديمومته، بشكل موازٍ للحرص على ما يتعلق بذاكرتهم الجمعية وثقافة مجتمعهم.

وخلال عقد الثمانينيات، بدأ الفلسطينيون في اسرائيل بنشر كتب تذكارية حول القرى التي هجروا منها، جامعين فيها معلومات عن هذه القرى، التي لم يعد معظمها موجودا، مع إبقاء تسليط النظر على  الهدف الأساسي، أي الحفاظ على التاريخ والذاكرة المحمولين من هذه القرى.6 وفقا للمؤرخ الفلسطيني نور مصالحة، فإن الكتب التذكارية للقرى:

[...]  تعكس جمال المناظر الطبيعية، ثراء الأرض والحياة في كل من القرية والمدينة. هذه الروايات تشهد على تفاصيل الحياة اليومية وأسماء الينابيع وآبار المياه، الحقول المزروعة وكروم العنب، وتبين أهمية جميع الأشجار (الزيتون، اللوز، العنب) والعناصر الطبيعية الأخرى في تشكيل ذكريات الماضي.7

وبموازاة ذلك، هنالك جهد متنامٍ في الحجم والجدية ضمن الإطار الأكاديمي، وهو ما يقدم دليلاً على ازدياد اهتمام الأكاديميين الفلسطينيين بالفلكلور الفلسطيني خلال هذه الفترة. فعلى سبيل المثال، قدم منعم حداد (1986) بحثاً حول  التراث الفلسطيني: بين الطمس والإحياء، وهنالك مواطن فلسطيني آخر في اسرائيل كتب تحت عنوان الفولكلور الفلسطيني وهو شكري عراف (1982)، الذي كتب من بين أمور أخرى عن: "الأرض، الإنسان، والجهد: دراسة لحضارتنا المدنية على أرضنا".

أما في الساحة الأدبية، فقد قدمت الروايات الفلسطينية في هذه الفترة وصفا تفصيليا عن الحياة الاجتماعية والثقافية في فلسطين قبل عام 1948. وهي ما يمكن نعته بالروايات التراثية الحنينية، كما يمكن سحب ذات الوصف على مجموعة الروايات التي تم تحليلها هنا، والتي تحمل، ما يسميه علماء الإنسان/الانثروبولوجيين، "الوصف السميك" للتراث الفلسطيني، والحياة الاجتماعية والتشكيلات الاجتماعية التقليدية، كتلك التي حملت عددا هائل من القصص والخرافات والأغاني والأمثال والقصائد، إضافة لتعريجها على نواحٍ من الطب الشعبي التقليدي. كذلك الحال مع حضور الطعام الفلسطيني، الملابس والأدوات المنزلية، إلى جانب الأدوات والمعدات  المستخدمة في الحياة والعمل، وأيضاً الطيور، النباتات البرية والأعشاب، وصولاً للأشجار والحشرات، التي تشكل في مجملها جزءا من السرد التقليدي الذي يظهر في الروايات. أما الأحداث في الحبكة، فنجدها مغمورة بأماكن من القرية، مثل الشوارع، الوديان، الحدائق، ساحة القرية، المياه، العتبات والمنازل، كلها كذلك موصوفة بشكل تفصيلي، في كلا الفضائين: الخاص والعام. هذا مع عدم إغفال ذكر وصف التفاعلات الاجتماعية المرتبطة بهذه الأماكن.

مما يميز السرد التاريخي المتضمن في هذه الروايات، انه خصص مساحة من الاهتمام بعدد من جوانب حرب عام 1948، فتناول مثلا جانب المساعدات/ المعونة العسكرية من الدول العربية، والتي نظر إليها كعبء أكثر منه كمؤازرة، واحتلال القرى، واستحضار المجازر الإسرائيلية الوحشية ضد المدنين وعمليات طرد الفلسطينيين، وعودة أو محاولة عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم. يتضح أن السرد التاريخي المقدم  في هذه الروايات مماثل لروايات قدمت في كتب التاريخ المتعلقة بالنكبة، أو حتى يمكن القول أقرب لشهادات الناس الذين شهدوا أحداثها ونجوا منها. بينما يبدو التشابه بين مجموع تجربة الناجين والشهود ومجموعة الشخصيات في الروايات واضح باتجاهين: أولهما، يعيد الشخصيات إلى مشهد الحنين إلى الماضي الذي ضاع ودمر.8 وثانيهما، تشابه الشهود والناجين الواضح في رواية الأحداث التاريخية والطرق وأنماط الطرد من قبل القوات الإسرائيلية فيما يمكن وصفه بأنه "عملية فلكلرة للنكبة". 

تشير منهجية أو اتجاه فلكلرة النكبة إلى الروايات الفلكلورية التي تتناول الحياة الفلسطينية قبل عام 1948 حيث حقنت هذه الروايات وتمت ملاءمتها مع الروايات التاريخية للحرب في عام 1948، في محاولة لعرض رواية سردية جماعية. فلكلرة النكبة، كتقنية روائية، عرفت من قبل دينا مطر في كتابها الأخير، ماذا يعني أن تكون فلسطينيا، مقارنةً لعدد من الروايات الفلسطينية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، إذ تقول:

[..] تقريبا كل من "تمت مقابلتهم" بغض النظر من هم وما كان مآلهم، إلا أنه كان لديهم قصة شخصية للتحدث عن التاريخ المحدد لعام 1948 وقد أصروا على إخبارها. وعبر مراقبة بناء مماثل للقصص يتضح أن القصص الشخصية تتلاقى مع السردية الوطنية الفلسطينية عن الاستلاب والضياع [..].9

ومنذ أن حولت الانتفاضة مركز الثقل في الصراع الفلسطيني إلى الأرض المحتلة، أمست إعادة كتابة النكبة في السرد الشعبي تعبر عن محاولة للتأكيد بأن الصراع الفلسطيني بدأ في عام 1948 وليس في 1967. بل وأن هذا السرد وسيلة لاستعادة النكبة بوصفها الحدث المؤسس في الروح السردية الفلسطينية: وهو الحدث الذي يوحد الفلسطينيين في كل مكان. في المقابل، فإن عملية السلام زرعت بذور هذا الاعتقاد أيضاً بين الفلسطينيين، الإسرائيليين والمجتمع الدولي. لقد كان لاستبعاد المواطنين الفلسطينيين في اسرائيل من المباحثات التي جرت بين قيادة طرفي الصراع آثار خطيرة على هوية الفلسطينيين في اسرائيل.

ذكريات الفلسطينيين عن النكبة تشكك في الوضع الراهن وتلح في تقديم سرد مضاد للسائد.10 كما أن الروايات التراثية الحنينية الفلسطينية تلعب دورا في ترسيم معالم الذاكرة الجماعية للفلسطينيين، وفي بعض الأشكال يمكن عقد مقاربة نسبية مع الكتب التذكارية للقارئ. ففي الروايات التراثية الحنينية، تتجلى نكبة الفلسطينيين في اسرائيل، ليس فقط في المحو أو الاقتلاع من المكان بل في محو الثقافة أيضاً. تذكُر النكبة يوفر سردا "في استمرارية  تتصادف ليس فقط مع الماضي في الحاضر والتراث والوسم والنتيجة والجرح وما إلى ذلك، بل إلى أن الماضي الذي لا يزال قائماً في الوقت الحاضر، ولا يزال نشطاً في إعادة إحداث شكله الخاص[...].] 11

خاتمة:

بعثت الانتفاضة الأولى الوعي الوطني الفلسطيني بين الفلسطينيين في اسرائيل،  يينما كان يجري تكييفها مع ما هو قائم من قيود هيكلية للنظام السياسي والإداري الإسرائيلي. وقد صل محمود غنايم  إلى استنتاج مماثل، يفيد بأنه: "[..] على الرغم من الهوية المزدوجة الموضحة من قبل [الأدب الفلسطيني في اسرائيل]، كانت هناك العديد من المحاولات لتحول حاسم تجاه هوية مميزة من شأنها كسر الرابطة (العلاقة) مع الواقع الإسرائيلي".12 اما من الناحية السياسية، فبدأت التيارات الوطنية تتصلب بين الفلسطينيين في إسرائيل بعد الانتفاضة، عاكسة بذلك هيئة وواقع عملهم الجماعي. في عام 1992 دعت، الحركة المنادية بالمساواة، وهي حركة وطنية سيطر عليها العرب، إلى تحويل إسرائيل من دولة عرقية إلى دولة ديمقراطية لجميع مواطنيها، في تركيز شديد على الحاجة للمساواة وتحول الدولة. وأثناء التحضير للانتخابات الإسرائيلية لعام 1996، تم تنظيم هذه الحركة وتطويرها في قالب حزب سياسي، وهو التجمع الوطني الديمقراطي، وبذلك أسهمت في جلب موضوع المساواة إلى مقدمة الساحة السياسة العربية.13

وقد عمل هذا الاتجاه السياسي، أي ما يعرف بـ التجمع الوطني الديمقراطي، بشكل يختلف جوهرياً عن الخط الذي حذاه الحزب الشيوعي لسنوات عديدة. حيث وصف عزمي بشارة نشاط الحزب الشيوعي في إسرائيل بأنه عملية نضال ضد التمييز، وليست من أجل المساواة. إذ يجادل بشارة في ذلك بأنه "النضال الذي عرف المساواة سلبيا على أنها غياب التمييز، وليس وفقا لتعريف إيجابي من شأنه أن يرى إسرائيل دولة لكل مواطنيها.14

إيديولوجية التجمع الوطني الديمقراطي "رفضت الوضع الراهن، ودعت إلى إقامة دولة ديمقراطية علمانية على كامل ارض فلسطين الانتدابية، ودعت إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين تركوا منازلهم في العام 1948".15

ينعكس التحول في النشاط السياسي لدى الفلسطينيين في إسرائيل، من خلال التحول الهائل في نضالهم المجتمعي المدني بعد الانتفاضة. وهذا واضح في حقيقة أنه وحتى عام 1990 كان هناك "حوالي 180 جمعية عامة بين الأقلية الفلسطينية في اسرائيل. أما خلال التسع سنوات الماضية بعد عام 1990 تأسست 656 جمعية مدنية جديدة".16 إذن، فان توسع المنظمات غير الحكومية  للمجتمع المدني الفلسطيني في إسرائيل يشير إلى حقيقة الحاجة إلى القيام بدور فعال في تشكيل حياة ومستقبل الفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل:

"تشكل الشبكة الواسعة من المنظمات غير الحكومية ظاهرة من المجابهة العامة، حيث يتم تقديم مصالح المجتمع العربي والعمل على تحقيقها في مجالات مثل التخطيط العمراني والخدمات الصحية والبنية التحتية للتعليم، الحقوق والخدمات القانونية، ورصد حقوق الإنسان. هذه المنظمات غير الحكومية تؤدي مسؤولية هامة من خلال توفير البضائع والخدمات اللازمة الضرورية للمجتمع العربي المهمش.17

تعرض المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل لخطاب الانتفاضة عن التحرير والحرية والكرامة جعلهم يتبنون أدوات نضالية خاصة بهم في اسرائيل. هذا التكييف يشير إلى تقديم الفلسطينيين في إسرائيل تعريف نضالهم في البحث عن المساواة بشكل يراعي السياق الذي ينشطون فيه.

بعبارة أخرى، فإن الفلسطينيين في إسرائيل منذ العام 1987 يرون وضعهم باعتباره وطني، "أكثر من كونه مشكلة التمييز ضد الأقلية".18 ان السعي من أجل المساواة مع اليهود الإسرائيليين في إسرائيل يستند إلى السعي لنيل تقرير المصير الوطني بالاعتماد على الواقعية السياسية. وكانت قد استندت الرؤية السياسية للمواطنين الفلسطينيين في اسرائيل في التسعينيات على إستراتيجية التسوية كوسيلة لتحقيق السلام الذي طال انتظاره في منطقة الشرق الأوسط. هذه الرؤية تشمل إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ضمن حدود عام 1967، التي تنطوي على حق العودة للاجئين، وكذلك منح الحقوق المدنية الكاملة للفلسطينيين في اسرائيل. ان تحقيق المساواة الكاملة مع اليهود الإسرائيليين  في إسرائيل يعني تحويل إسرائيل دولة لجميع مواطنيها –دولة ثنائية القومية-  الأمر الذي يتحقق من خلاله تقرير المصير للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل بالتالي، لأنه سيعني إنهاء صهيونية إسرائيل. هذا الوضع هو الوضع الذي يستعد المواطنون الفلسطينيون لقبوله.19

---------------

*منار مخول: منظم التشبيك والمناصرة في مركز بديل، وحائز على درجة الدكتوراة في الهوية الفلسطينية في داخل الخط الأخضر من جامعة كامبريدج.



[1]See Pappé, Ilan, The Ethnic Cleansing of Palestine (Oxford: Oneworld, 2007).

[2]Suleiman, Yasir, A War of Words: Language and Conflict in the Middle East (Cambridge: Cambridge University Press, 2004); Suleiman, Yasir, Arabic, Self and Identity: A Study in Conflict and Displacement (Oxford and New York: Oxford University Press, 2011).

[3]Nur Masalha, ‘Remembering the Palestinian Nakba: Commemoration, Oral History and Narratives of Memory’, Holy LandStudies: A Multidisciplinary Journal, 7/2 (2008): 123-156

 

[4] My translation of Oren Yiftachel’s Introduction to Kadman, Noga, Erased From Space and Consciousness: Depopulated Palestinian Villages in the Israeli-Zionist Discourse (Jerusalem: November Books, 2008), p. 8.

[5] Ibrahim Muhawi, ‘Irony and the Poetics of Palestinian Exile’, in Ibrahim Muhawi, & Yasir Suleiman (eds), Literature and Nation in the Middle East (Edinburgh: Edinburgh University Press, 2006), p. 34.

 

[6] Slyomovics, Susan., The Object of Memory: Arab and Jew Narrate the Palestinian Village (Philadelphia, PA: University of Pennsylvania Press, 1998); Rochelle Davis, ‘Mapping the Past, Re-Creating the Homeland: Memories of Village Places in Pre-1948 Palestine’, in Ahmad H. Sa’di, & Lila Abu-Lughod (eds), Nakba: Palestine, 1948, and the Claims of Memory (New York: Columbia University Press, 2007): pp. 53-75.

 

[7] Masalha, Remembering the Palestinian Nakba: Commemoration, Oral History and Narratives of Memory, p. 143.

 

[8]See also: Davis, Mapping the Past, Re-Creating the Homeland: Memories of Village Places in Pre-1948 Palestine

 

[9] Matar, Dina, What it Means to be Palestinian: Stories of Palestinian Peoplehood (New York: I.B. Tauris, 2011), p. 25.

 

[10] Davis, Mapping the Past, Re-Creating the Homeland: Memories of Village Places in Pre-1948 Palestine, p. 6.

 

[11] Italics in original, Yaqub, Nadia G., Pens, Swords, and the Springs of Art: The Oral Poetry Duelling of Palestinian Weddings in the Galilee (Leiden: Brill, 2007), p. 114.

 

[12] Mahmud Ghanayim, ‘A Dream of Severance: Crisis of Identity in Palestinian Fiction in Israel’, in Meir. Litvak (ed.), Palestinian Collective Memory and National Identity (New York; Basingstoke: Palgrave Macmillan, 2009), p. 196.

 

[13] Nadim N. Rouhana, ‘Israel and Its Arab Citizens: Predicaments in the Relationship Between Ethnic States and Ethnonational Minorities’, Third WorldQuarterly, 19/2 (1998), p. 287.

 

[14] Azmi Bishara, ‘On the Question of the Palestinian Minority in Israel [Hebrew: Al Sheʾelat Hamiʿut Hafalastini Beyisraʾel]’, Theory and Criticism [Hebrew: Tiorya

[15] Ghanem, Asʿad, The Palestinian-Arab Minority in Israel 1948-2000: A Political Study (Albany: State University of New York Press, 2001), p. 117.

[16] Ibid., p. 172.

[17] Amal Jamal, ‘The Arab Leadership in Israel: Ascendance and Fragmentation’, Journal of Palestine Studies, 35/2 (2006), p. 12.

[18] Ghanim, Honaida, Reinventing the Nation: Palestinian Intellectuals in Israel [Hebrew: Livnot Et Hauma Mehadash: Intilektuʾalim Falastinim Beyisraʾel] (Jerusalem: The Hebrew University Magnes Press, 2009), p. 142.

 

[19] See: Bishara, On the Question of the Palestinian Minority in Israel [Hebrew: Al Sheʾelat Hamiʿut Hafalastini Beyisraʾel]; Asʿad Ghanem, ‘The Palestinian Minority in Israel: The ‘Challenge’ of the Jewish State and Its Implications’, Third World Quarterly, 21/1 (2000): 87-104; Ghanim, Reinventing the Nation: Palestinian Intellectuals in Israel [Hebrew: Livnot Et Hauma Mehadash: Intilektuʾalim Falastinim Beyisraʾel].