بقلم: وسام محفوظ*

ما أشبه اليوم بالأمس...

بمعادلة حسابية بسيطة، تستطيع إرجاع الزمن واسترجاعه... وإختيار قصاصة من تاريخ أدهم... ليحكي لك حكاية الأمس، فتدرك يقيناً، بأن الأيام تتقلب كراحة اليد... ظاهراً وباطناً... لكن اليد واحدة... زمناً... وفعلاً...

في محطات حياة الفلسطيني، كُتب منذ الأزل، بأنك أينما وقفت وأيما اخترت من قصاصة، سترى وأداً، وظلماً وقهراً... ولا يميز بين هذه التفاصيل بأحداثها، رغم تقادم الوقت وتبدله، سوى ما أُضيف إلى الأرشيف المتجدد المستمر من ألوان، والتي ابتكرت يوماً بغرض بث البهجة والتجدد إلى المشهد... ولكنها لم تؤت فعلها المرجو في هذا الأرشيف... لتؤكد أن صبغة اللون لا قدرة لها دائماً على تحويل فعل المشهد ورتق جروحه... لتتشابه على ذلك الأحداث كانت ملونة أو خالية... إذاً ما شابه أمس الفلسطيني أخاه الحاضر...


في ليلٍ حالك من ليالي آبْ، قبل أربعة عقود إلا عام، وخلال الحرب الأهلية اللبنانية، كان في تعداد المخيمات وأسمائها وسجلاتها، ما يسمى مخيم تل الزعتر للاجئين الفلسطينيين، ومع وصول الأيام الأخيرة من شهر حزيران، بدأ تطبيق حصار على المخيم، من قبل القوات المارونية اللبنانية. قطعت الماء والكهرباء والمعونات عن المخيم لمدة يزيد عن 52 يوماً، وتعرض المخيم وسكانه القاطنين إلى قصف عنيف بالقذائف... وجوِّع المخيم... فأنهك... ثم استبيح بشكل كامل في آبٍ أسود... ربما لأنه قد كتب على الفلسطيني أن يرتبط تقويمه دائماً باللون الأسود، وأرضه بالأحمر... وارتكبت بحق المخيم وأهله أفظع الجرائم... ذُبح السكان وشردوا... ومن ثم تم تسوية المخيم بالأرض... ولجأ من نجا من المذبحة من بقعة إلى أخرى، إلى أن حطت رحالهم في مساكن من صفائح التنك... كما أيام اللجوء الأولى، وأطلقوا على المخيم الجديد اسم "مخيم تل الزعتر"... وبدأوا من جديد....  

لمن لا يعرف التاريخ كاملاً وبتفاصيله، وما ترويه الحقائق والحكايات عن مذبحة تل الزعتر، فلا ضير... فمخيم اليرموك بأحداثه اليوم يستطيع أن يُحدِّث عن أخبار كلاهما...

مُحِي تل الزعتر ذات يومٍ مُظلمٍ... ظُلماً على يد الأخوة الأعداء، وما مُحيت القضية ولا الفلسطيني... وها هو اليرموك يَلْقى الحتف ذاته وبذكرى ونكبة أخرى، إذ يأبى هذا العالم "الحُر" إلا أن يرحِّل الفلسطيني بإيقاع مدوٍّ....كما يأبى التاريخ إلا أن يُعيد نفسه على الفلسطيني بشكل خاص، بملهاة ومأساة وألم مضاف... لا ضير... وإلا فما معنى أن تكون فلسطينياً؟

لكن التاريخ يبدو جاحداً في تكراره أحياناً...

بلغ الجوع أشُده في تل الزعتر أيام الحصار حينها، فكان أن تواردت أنباء يشكك الكثيرون في صحتها ومصداقيتها، بل واجتمع الأكثر على نفيها، ومن بينهم الكاتب اللبناني الياس خوري في روايته "باب الشمس"، والتي مفادها أن الأهالي طلبوا فتوى تجيز لهم أكل لحم القطط والكلاب ليسدوا جوعهم وجوع أطفالهم... وأُسقطت الحادثة من قصاصات التاريخ لعدم ثبوتها... ولكن ما ثبت حقاً، هو موتهم جوعاً...

ويتكرر التاريخ الأسحم... ولكن... بشكل مُثْبَت... إذ استطاعت تكنولوجيا هذا العالم "المتمدن" من أن تلتقط صوراً وتبثها لأناس من مخيم اليرموك اقتاتوا على لحم القطط... فلربما كان من عظيم ما سمح الإسلام به، هو باب الاجتهاد، وذلك لعلم المولى أن باب الرحمة سيغلق، فكان أن أفتى شيخ مسجد اليرموك بأكل لحوم القطط والكلاب رحمة بالعباد... قبل أن تزهق الروح جوعاً...

لأي مدى باتت صحة هذه المعلومة إبّان حصار تل الزعتر ضرورية تاريخياً وأرشيفياً... ربما ليس بعد الآن ونحن نراها أمام أعيننا تتكرر وتوثق بمخيم آخر وبمجزرة أخرى... وبحق الفلسطينيين أنفسهم... ما أشبه اليوم بالأمس... وما أمر أن يشبه الغد...

إذن، في ذكرى النكبة هذا العام، يضاف إلى سِفر الفلسطيني، حكايات جوع مثبتة وفتاوى لترحم الجوعى... ولا زال الأسرى يضرِبون عن الطعام اعتراضاَ ونضالاً، ويضرَب لاجئو اليرموك قسراَ وتجويعاَ عن الطعام... في الذكرى، أصبح الحصول على رغيف الخبز حُلُماً...تتسع الأحلام وتضيق، ولكن الذل والجوع يقضيان عليها كيفما كانت واتسعت... فلا متسع للحلم مع الجوع...

فُرِض حصار شبه كامل على مخيم اليرموك ولا زال، منذ العام 2013، هذا إضافة لما يتعرض له المخيم من هجمات مستمرة، ذلك أن "المخيم الفلسطيني" اعتُبر الطريق الاستراتيجي المؤدي لدمشق "العاصمة".... وأجبر لاجئوه على مغادرته ليبدؤوا سِفر تغريبة جديدة، وهم المهيَّؤون أبداً للسفر وعلى أهبة تهجير لا ينتهي، ليُلقى بذلك اليرموك في غياهب الجُبّ كما غيره من مخيمات الشتات واللجوء الفلسطيني... واتهم الذئب...والذئب كان أرحم... كما أن أحداً من السيّارة لم يلتقطه... بل، أُلقي إلى اليم... 

يحصد الفلسطيني دوماً ثمن أن يكون ضمن موقع جغرافي استراتيجي، وهي الحِجة التي لا ينفتئ يستخدمها العالم أجمع ليبرر كل ما ينتهك ضده، ففلسطين استعمرت لموقعها الجغرافي، وكذلك القدس وأزقتها، والمسجد الأقصى يُدنس يومياً لموقعه الجغرافي، وكذلك اليرموك...المخيم أيضاً، ينال نصيبه من استراتيجية موقعه. ولكن، هل الفلسطيني هو من اختار المخيم وموقعه الجغرافي حين أجبر على اللجوء؟... لربما، من يقع حقاً في مرمى الموقع الجغرافي الاستراتيجي هو "الفلسطيني" بحد ذاته... وعليه أن يدفع عمراً سابقاً ولاحقاً نتيجة لذلك... 

مصلوب هو الفلسطيني أبداً... فكم من القرابين يلزمه حقاً لينزل عن الصليب؟... ولكن درب الآلام لا ينتهي... فبعد أن لفظته الأرض، فرَّ إلى البحر لعله يكون أقل قسوة... ولكن لم تسعه لا الأرض ولا البحر... فيفر من موت محتم إلى موت وشيك... هل على الفلسطيني أن يختار الآن ما بين الرجوع، والجوع؟ 

في ذكرى نكبة هذا العام، يتكرر مشهد آخر... يُهجَّر الفلسطيني من المخيم... مكان لجوئه، يطرد من أرضه، فيلجأ إلى بقعة أخرى أقل اتساعاً، فتضيق به... ليبدأ شتات آخر من المخيم إلى المجهول... لكأن ظلم التهجير والمنفى الأول لم يكن كافياً... فكان لا بد من تكرارٍ في الفعل لتأكيده... ليُعمِلَ في الروح أكثر... وفي ذكرى النكبة، يضاف مشهد متكرر متجدد... الفرار إلى البحر، ومن ثم الموت غرقاً في عرض المتوسط، لا الأرض اتسعت برحبها، ولا البحر احتواه بمداه... وفي الذكرى أيضاً، يموت الفلسطيني ظلماً تحت سطوة سجان من التعذيب، دون تهمة محددة عدا كونه حمل القضية في قلبه ووشمها على جسده الذي أثخن جروحاً طوال سنيه العجاف، ويتم إعمال كل أدوات التعذيب فيه الآن لتصل إلى روحه... في ذكرى النكبة... تتعدد أسباب موت الفلسطيني... لكن فعل الموت وأشكاله ليس واحداً... إذا ما صوحب بضجيج مدوٍّ لا يطرق الآذان... لكن السلاح واليد... واحدة... كما الصمود والشهداء واحد أيضاً...

هل تنبأ كنفاني في روايته الفلسطينية بجدارة "رجال في الشمس"، والتي تتمحور حول الموت الفلسطيني بجميع أشكاله، بمصير الفلسطينيين بفرارهم "المستمر" عبر الحدود ومعاناتهم عبر صهاريج بأنواع مختلفة وبظروف مشابهة، وهل كان الصهريج رمزاً لوسائل الفلسطيني المتعددة للنجاة وعبر كل الأمكنة والأزمنة؟ عبر الأرض أو البحر؟... ورجال غسان "قيل"، بأنهم لم يقرعوا الخزان طلباً للنجاة... من قال أنهم لم يقرعوا الخزان؟ لماذا لم يتم الافتراض بأنهم قرعوه مراراً ولم يسمعهم أحد، أو صُمَّ الجميع عنهم... ألم يقرع أهالي اليرموك، والفلسطيني دائماً، كل شيء... ولا زالوا... حتى تهالكت الأيادي والأرواح الجوعى... لكل شيء... لكن الآذان صُمّت عنهم؟ لربما أدرك الفلسطيني من يومها... أن قرع الخزان... رغم ما يجلبه من ضجيج، لا يصل إلى الآذان... فما حاجته؟

هي نكبة جديدة إذاً يعيشها الفلسطيني في ذكرى النكبة، وبتفاصيل إما متكررة أو أقسى... وبمفارقات تأبى إلا أن تتخطى حدود المنطق والعجز أمام ما اعتمل في القلب والروح من كمّ القهر والألم...

"وَدّوني عند اليهود"....هي العبارة التي نطق بها شيخ متهالك قهراً وجوعاً في اليرموك المحاصر، بعد أن عجزت سني عمره عن استيعاب تكرارية المشاهد أمامه، وهو المعاصر لجيل من النكبات والآلام... لا يستطيع العقل أن يترك حيزاً ليستوعب معنى طلبٍ كهذا... أي تناقض أوداه بنا أخوتنا؟ وأي قهر حل بالقلب ليطلب رحمة الجاني لا رحمة القريب؟

ويكون السؤال المشروع والأهم، والذي ما انفك يسأله الفلسطيني منذ هجّر، إلى متى سيبقى الفلسطينيون على أهِبَّة تهجير وترحيل من كل الدنيا وبقاعها وبمختلف الأسباب، بانتظار حل عادل وتحرك كيفما كان وممن كان؟

على أنقاض الموت والجوع، يُناشد لاجئ من مخيم اليرموك، عانى ويلات التهجير والموت، وربما كان طفلاً أو شاباً حين شهد نكبة وطنه وشعبه، وها هو يعايش قسوة تكرارها، يناشد ما يسمى بالمجتمع الدولي، وهو يحمل غصناً أخضر بيد، وبقايا قنابل متفجرة بيده الأخرى... فيقول: أريد العودة للضفة وغزة، أريد أن أحصد الزيتون... على أنقاض الموت، لا يُسقط هذا الكهل وبعد كل سني لجوئه، الغصن الأخضر من يده... مدركاً أن هناك حق لا ينفتئ يطالب به علّ أحداً يسمعه... فيستجيب....

تكرار آخر في قصاصات التاريخ...

"جئتكم يا سيادة الرئيس... ببندقية الثائر في يدي، وبغصن الزيتون في يدي الأخرى، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي، الحرب تندلع من فلسطين والسلم يبدأ من فلسطين"... من على منبر الأمم المتحدة في 13 تشرين الثاني 1974، مخاطباً الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، وفي المرة الأولى التي يدخل فيها زعيم فلسطيني مقر الجمعية، قال الرئيس الراحل ياسر عرفات جملته الشهيرة تلك، بعد قرار إدراج قضية فلسطين على جدول أعمال الجمعية... وتمر أربعون سنة عجاف، والقضية لا زالت تتأرجح، كما الغصن الأخضر...

خطاب الرجل من على أنقاض المخيم الذي كان ولا زال شاهداً على عملية التهجير، وهو يحمل الغصن الأخضر في يده، يحمل لغة إنسان يخاطب الضمير الإنساني والعالم أجمع ليصوب الأنظار والآذان والضمائر إلى قضية عادلة، مطالباً بحقه الشرعي له ولشعبه الذي كتب عليه أن يدفع حياته ثمناً لكل شيء ومقابل كل شيء، فيغدو فقدان الحياة أهون من فقدان الأمل... حقه في الحياة وفي العودة إلى وطنه، قبل أن يموت جوعاً أو غرقاً أو تحت آثار التعذيب، أو حتى قهراً...

ما التكرارية التي تحدث في كل شيء، إلا لكي تعمل على استنزاف كل ما يمكن أن يُبقي الفلسطيني متمسكاً بحقه في كل شيء، فتغدو حياته قائمة على اختيارين لا ثالث لهما؛ الجوع أو الرجوع، الموت أو الحياة، إلا في أسباب الموت، فهي كثيرة متعددة لا تنتهي... وتكون نكبة جديدة ومرحلة لجوء أخرى لا تنتهي، فيغدو بذلك حق العودة مشروعاً يجب العمل على إسقاطه، فيتم القضاء على كل مسعى للاستقلال والانعتاق... ومن ثم... إسقاط الغصن الأخضر... 

ولكن... هل تكرار التاريخ فعل أمر أم مبني للمجهول أم... للمعلوم؟ وإن كان التاريخ متكرراً بفعل نفسه، فلماذا عساه يتكرر على الفلسطيني وحده أكثر من غيره وبقسوة أكبر؟ في كلا البنائين، هناك حقيقة واضحة لا يمكن تغيير حقيقة حدوثها ووجودها ولكن يمكننا تغيير إمكانية وقوعها وتكرارها؛ فالمخيم لا زال يرزح تحت ظلم الحصار والتجويع والقتل من مختلف الجهات والأطراف التي تختلف وتتشابه في مصالحها ومبرراتها، وبمختلف الطرق والوسائل... ومنذ أكثر من عامين، والحقيقة المطلقة في ذلك، غياب أي جهة كانت سواء فلسطينية أو عربية أو دولية لتعمل على وضع حد لكل ما يحدث، وللعمل على إنقاذ المخيم وأهله قبل أن يلق مصير مخيم تل الزعتر، فَيُقيد تحت مبرر "التاريخ المتكرر"... لا بد من الاعتراف بالفشل الذريع... عملياً وسياسياً وإنسانياً قبل كل شيء، في أداء الواجب تجاه فلسطينيي سورية واليرموك خاصة، ومن قبل الأطراف جميعاً... ليس لأن التاريخ يتكرر... فالتاريخ عادل...تدور رحاه على الجميع ولو بعد حين....

القضية المطروحة الآن ليست في أن الفلسطينيين وبعد ستة عقود ونيف لا يزالوا يقتلون ويهجرون فقط، المسألة تتعلق في أين يتم كذلك هذا الحدث، وحدوده الجغرافية، ومن قبل من... وما بعده... تتعلق بالتفكير جدياً كم تحولت القضية من إنسانية إلى سياسية تخدم أطرافاً وأغراضاً تصب جلها ضد مصلحة الفلسطيني وبنيانه وحقوقه وقضيته.... تدفع للتفكير بأن الخسارة لا تقتصر على تدمير المخيم بمنازله، وإنما هناك بنية اجتماعية كاملة يتم تدميرها، ونظم ثقافية وسياسية تذهب في طريق التدمير... تتعلق بـ "اللا عودة" بعد كل هذا التنكيل في عمق القضية، وهذا التهتك للمجتمع الفلسطيني في دولة مضيفة، وهذا الشرخ في علاقة دامت منذ بدأت النكبة الأولى، في بلد، لطالما اعتبرها كل من لجأ إليها، جزء منه، في وعيه ولا وعيه، من غير التفكير بوجود تناقض في الشعور بين كونه جزء من هذا البلد المضيف وانتمائه كفلسطيني... أما الآن، فثمة شعور استجد.. وقد يتكرر في بلد آخر... مع الأشخاص ذاتهم... بأن شيئاً ما قد بُتر، ولا يمكن استرجاعه... فيدرك اللاجئون فعلاً، معنى أن تكون "فلسطينياً"... بأن تكون المطرود أبداً...

في ذكرى النكبة ال67 لهذا العام، يسترجع جيل النكبة مأساة عايشها وها هو يعايش ألم تكرارها، ويسترجع الجيل الجديد ما سمعه من الآباء والأجداد، عن ويلات ما قاسوه حين أجبروا على الرحيل... فكانت بداية رحلة اللجوء التي لم تنته... في بلاد أخرى استقبلتهم يوماً... وها هم يرحَّلون منها برحلة لجوء أخرى، وما بنوه طوال سنيهم تلك... قد دُمر تماماً، أمام مرأى الأبناء... كان لا بد من استرجاع كل شيء، لأن هذا الجيل يعيش التجربة نفسها، وسيكون له ما يرويه، إذ أدرك يقيناً، بأن عليه أن يبدأ من حيث دُمِّر كل شيء، وفي بلدان أخرى، لكن، هذه المرة، بشكل فردي، ودون أي مساعدة...

ستكون هناك عودة للفلسطيني... بإذنه... أينما كان ومن حيثما هُجّر وطرد... رغم قلة الضمانات وانعدام كل ما يبشر ويدفع للمضي قدماً... ولكن يكفي أن يبقى هذا الأمل بداخل كل فلسطيني أينما كان الآن، وحتى عند هؤلاء الذين وضعوا أنفسهم بين يدي البحر يتلقفهم كيفما يشاء... علهم يجدون الطريق إلى روما ومنها لفلسطين.... ولكن... من يضمن عودة باتت مستحيلة لربما... في دواخل الفلسطينيين... إلى دائرة الثقة والأمان اللتان تم وأدهما من قبل بلاد حاولوا جاهداً إقناع أنفسهم بأنها كانت يوماً ملاذهم المؤقت لحين العودة... وإذا بها نقطة انطلاق لنكبة جديدة... تركتهم أيتاماً في قلب الأرض وعرض البحر... لتجعلهم يدركون فعلاً... معنى أن تكون "فلسطينياً"... بين من حسبت يوماً... أنهم الأهل... ولسان الحال يُردد ما قاله الشاعر الفلسطيني أحمد دحبور، كترنيمته على درب الآلام أو عبر البحر... "أنا المطعون بكل حراب الأهل... على كل الساحات"... لتسمع صدى الصوت يأتي من كل صوب من بقاع الشتات...

"لماذا نحن يا ربي ؟!

بلا وطن ؟ بلا حب ؟

نموت، نموت في رعب !.

لماذا نحن في المنفى ؟!

لماذا نحن .. يا ربي ؟"

 

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

*وسام محفوظ: طالبة دراسات عليا في جامعة بيرزيت-دراسات دولية-تركيز لاجئين وهجرة قسرية. 

 هي عنوان قصيدة للشاعر الفلسطيني محمود درويش من ديوان ورد أقل (1986)

 عبد الوهاب البياتي، قصيدتان إلى ولدي عليّ