بقلم:  حسام أحمد

مع تواصل الهجمات العدوانية على أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة وخصوصاً بعد اسر الجندي الصهيوني تأججت حفيظة جيش العدوان. فأخذ الاحتلال يطور أساليب عدوانه بالتزامن مع عدوانه على الشعب اللبناني. و التقت الصورتان: صورة العدوان على الشعبين الفلسطيني واللبناني وصورة التهجير للشعبين الفلسطيني واللبناني. وليس غريبا أو صدفة أن تتشابه صورة تهجير الشعب اللبناني مع صورة العدوان على الشعب الفلسطيني منذ عام 48 وحتى يومنا هذا، فالمعتدي هو نفسه والغايات هي نفسها، والوسائل ذاتها مهما تعددت صور إخراجها. إن تهجير الفلسطينيين وطردهم من أماكن سكناهم وقراهم ومدنهم وتدمير البيوت على أصحابها من الذين رفضوا التهديد ورفضوا الخروج من البيوت والقرى والمدن، تتكرر رغم مرور ستة عقود على الصورة الأولى.

إن العدوان الصهيوني على المنطقة العربية والذي يطال كل يوم الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين والأردنيين والمصريين، كل يوم يؤكد على صورته القبيحة ويبدو أن حاجته لترسيخ هذه الصورة تتأكد يوماً بعد يوم, إلا أن شعبنا صامد ويكافح ضد العدوانية المتواصلة. إن حرب الاحتلال أصبحت لا تستهدف الأرض والإنسان وحسب بل إنها تضع هذه الأيام على رأس أولوياتها تدمير فكرة الصمود والثبات الفلسطيني وكل ما يمت لهما بصلة.

إن صورة الموقف المنساق بمهانة خلف السياسة الأمريكية العوراء التي كانت ترى في إطالة أمد الحرب على لبنان سبيلاً لتركيع المقاومة وإرادة العزة عند اللبنانيين والفلسطينيين هي نفس الصورة التي كانت أبان نكبة الشعب الفلسطيني. إن التآمر الذي كانت ترعاه بريطانيا بالأمس ترعاه أمريكا اليوم وبمباركة بريطانية مما يدل بشكل واضح على امتداد خيوط الإستراتيجية الاستعمارية على المنطقة بهدف إزالة العوائق عن طريق استمرار هيمنتهم على هذه المنطقة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وثقافيا. ً ومن جهة ثانية

 إن خيبة الأمل  قد تعززت عند شعوب المنطقة بفعل السياسة الأمريكية التي تتقن إدارة البيت في تلوينها فتارة تعلنها حربا على الإرهاب ومرة تعلنها حربا من اجل الديمقراطية وحقوق الإنسان ومرة لمحاربة الفاشيين المسلمين...والانكى من كل ذلك انها لا زالت قادرة على سوق قيادة العالم الغربي من خلفها.

فصور الدمار والخراب التي نتجت عن الهمجية الصهيونية سواء في غزة أو الضفة أو حتى لبنان وعلى فظاعتها سواء في خراب العمران أو صور القتل الجماعي وصور أشلاء الأطفال وكثير من الصور لم تحرك عند الكثيرين من دعاة حقوق الإنسان أي حس إنساني لأن السحر الأمريكي والصهيوني قد غطى على عيونهم فأخذوا يرون الأشياء بعيون صهيونية ويفكرون على الطريقة الصهيونية.

 وأمام هذه المشاهد وقفت المنظمة الأممية على الدوام مشلولة عاجزة. فقد سبق أن استخدمت المنظمة الدولية كأداة طبيعة لتمرير المشروع الصهيوني على فلسطين. والآن، وعلى الرغم من وجود أدواتها الفاعلة في المنطقة والتي أحياناً كثيرة يكون لها دورا إنسانيا كبيرا إلا أن رأس هرم المنظمة الدولية، مجلس الامن لا زال  يشل إمكانية الحركة بفعل الفيتو الأمريكي كلما كان الأمر يتعلق بحقوق شعبنا المهدورة.

لقد قامت الأنروا باستضافة اللاجئين في مدارسها سواء في لبنان وسوريا أو حتى غزة (جباليا - ورفح) وقامت بتوفير ما تستطيع من خدمات لهم، وللحق فإن الموظفين الدوليين لم يتوانوا عن القيام بمسئولياتهم تجاه المهجرين حيث وصل عدد الأشخاص الذين استضافتهم الأنروا حوالي عشرة آلاف مشرد في كل من جباليا ورفح ووفرت لهم خلال أسبوعين أو أكثر كل ما يلزم لهم. إن هذا الدور الإنساني لا يعفي المؤسسة الأم (الأمم المتحدة) من مسئولياتها تجاه ما يجري، فالدول الكبرى صاحبة القرار لا زالت مقصرة ولم تتخذ خطوات جدية تجاه وقف العدوان على الشعبين اللبناني والفلسطيني وهذا في حد ذاته سوف يعزز إلى حد بعيد فقدان الثقة من قبل شعوب المنطقة بالمنظمة الدولية التي يراها الكثيرين أداة طيعة في أيدي الإدارة الأمريكية العوراء.

______________

حسام أحمد هو مدير عام إدارة التنسيق والمتابعة في وزارة شؤون اللاجئين