الإنسانيــة النسبيـــة: العائــق الأســاسي أمــام الدولــة الديموقراطيــة العلمانيــة في فلسطيــن التاريخيـــة

 

بقلم:عمــر البرغــوثــي

تقديـــــــــــــــــــم

إنّ الحلّ القائم على دولتيْن قد لفَظ أنفاسَه الأخيرة بعد  سنوات احتضار طويلة. لكن على أحدٍ ما أن يتحلى بالشجاعة الكافية ليُصْدر شهادةَ وفاة رسميةً قبل أن تُدفن جثة "الدولتين لشعبين" المتعفِّنة دفناً يليق بها، فننتقلَ إلى البحث عن البديل الأكثر عدلاً وأخلاقية ومن ثم الأكثر ديمومة للتعايش السلميّ بين العرب واليهود على أرض فلسطين التاريخية، القائم على أسس العدالة والقانون الدولي؛ وأعني هنا: الدولة الديمقراطية العلمانية الواحدة. 

لقد أصيبت إسرائيل بالعمى نتيجة لغرور القوة، وللركون إلى راحةٍ سريعةِ الزوال هي راحةُ الإفلات من كلِّ عقوبة دولية. وعجزتْ عن ضبط شهيّتها النهمة إلى التوسُّع، بما يناقِضُ أهدافَها الصهيونية الاستراتيجية نفسَها، فمَضَتْ قُدُمًا بافتراسِ آخر قطعة صغيرة من الأرض التي كان يُفْترض أن تشكّل الأساسَ الماديَّ لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

 

 

 

وبالعودة إلى حلّ الدولتيْن فإنَّه - إضافةً إلى انتهاء فترة صلاحيته - لم يكن يوماً حلاً أخلاقيًا. إذ كان في أحسن السنياريوهات، أيْ حتى لو طُبِّق قرارُ الأمم المتحدة رقم 242 بحذافيره، لا يَبْحث سوى في معظم الحقوق المشروعة لأقلّ من ثلث الشعب الفلسطينيّ على أقلّ من خُمْس أرض فلسطين الانتدابية. أيْ أنّ أكثرَ من ثلثي الفلسطينيين، من اللاجئين والمواطنين داخل دولة إسرائيل، قد شُطِبوا بقِصَرِ نظرٍ وبما يبعث على الارتياب في التعريف الخاصّ الجديد الذي أعطي لـ "الـ فلسطينيين". ومن شأن شطبٍ كهذا أن يَضْمن استمرارَ الصراع إلى الأبد. 

الإنســـانية النسبيـــة

منذ البداية كانت ذريعتا الحركة الصهيونية الأساسيتان لتبرير استعمار فلسطين هما: أولا أنّ فلسطين كانت أرضًا بلا شعب، خرابًا نائيًا عن الحضارة؛ وثانيًا أنّ اليهود يَمْلكون حقاً إلهيًا بـ "تخليص" (redemption) فلسطين وفقاً لوعدٍ جاءهم من اللَّه تعالى، وأنّ الإسرائيليين ـ بحسب التوراة ـ بَنَوْا ممالكَهم على أرض كنعان قبل حوالى ألفيْ سنة، الأمرُ الذي يَمْنحهم حقوقاً تاريخية في امتلاك هذه البلاد.

غير أنّ الحجتين كلتيهما قد ثَبَتَ منذ زمن أنّهما أسطورتان لا أساس لهما. والفضلُ في ذلك يعود في جزءٍ غيرِ يسير إلى العمل الجادّ الذي قام به مؤرِّخون وآثاريون إسرائيليون.[1] وتبقى اعتباراتُ المصالح الاستعمارية – العنصرية بالضرورة – هي الدافعَ والتفسيرَ المنطقييْن الأساسييْن لاقتلاع أكثرِ الشعب الفلسطينيّ من أرضه عام 1948 وبناءِ دولةِ إسرائيل على أنقاض مجتمعه. فالحقّ أنّ في صميم مبرِّرات ذلك الاقتلاع إيماناً كولونيالياً راسخًا بحقارة الحقوق والحاجات والتطلّعات الفلسطينية الأخلاقية وتفاهتِها، مقارنةً بحقوق المحتلّين الصهاينة وحاجاتهم وتطلُّعاتهم. فقد ذَكَرَ اللورد بلفور مثلاً في إعلانه الشهير ما يلي:

"إنّ القوى الأربع العظمى تَلتزم الصهيونية. والصهيونية، صوابًا أو خطأ، خيرًا أو شرًا، متجذرةٌ في تقاليد عريقة، وفي حاجاتٍ حالية، وفي آمالٍ مستقبلية، وكلُّها أهمُّ على نحوٍ أعمقَ بكثير من رغباتِ وأهواءِ الـ 700 ألف عربيّ الذين يسكنون الآن في هذه الأرض القديمة."[2]

وهذا مثال واضحٌ لمّا أسمِّيه "الأنسنةَ النسبية" relative humanization.

أُعرِّف "الإنسانيةَ النسبية" relative humanity بأنَّها الإيمانُ (كما أُعرِّف "الأنسنةَ النسبيةَ" بأنَّها التطبيقُ المستندُ إلى ذلك الإيمان) بوجوِد بشرٍ محدَّدين يشتركون في صفةٍ دينيةٍ أو إثنيةٍ حضاريةٍ أو هُويّاتيةٍ أخرى، وبسببها يفتقرون إلى صفةٍ أو أكثر من الصفات الضرورية للبشر؛ فهُمْ ـ لذلك ـ بشرٌ بالمعنى النسبيّ فقط، لا بالمعنى المطلق الذي لا لَبْسَ فيه. وعليه، فإنّ هؤلاء "البشر النسْبيين"، مؤهَّلون للحصول على جزءٍ محدودٍ فقط من الحقوق التي تُعتبر في حالة البشر "التامّين" حقوقاً غيرَ قابلة للنقض. والحال أنّ اعتبار الفلسطينيين مجردَ بشر نسبيين قد لعب دوراً حاسماً في عرقلة الحلّ المبنيّ على دولةٍ تكامليةٍ واحدةٍ في فلسطين التاريخية.

طُــرُقُ "حــلّ" الصـــراع

نظرًا لاستحالة تحقيق حلّ الدولتين على أساس تفاوضيّ يُعْطي الفلسطينيين حقوقَهم الدنيا غيرَ القابلة للنقض، ثمة ثلاثُة خيارات منطقية يُمْكن اتّباعُها: الأول يتمثل بالحفاظُ على الوضع القائم، وتدبيرُ الصراع. ويكون ذلك أساساً بالاحتفاظ ببعض الأمل حياً (ولوْ على الورق) في إمكانية الوصول إلى حلّ الدولتيْن. فيما يتمثل الثاني بـ "إنهاءُ المهمة" ويكون ذلك عبر تطبيقِ تطهيرٍ عرقيٍّ كاملٍ يُطرد الفلسطينيون بموجبه من كامل فلسطين الانتدابية. أما الخيار الثالث فيتمثل في إطلاقُ سيروراتٍ تحرُّريةٍ جديدةٍ، استشرافيةٍ، وأخلاقيةٍ، وعملية. وهذه السيرورات يمكن أن تؤدّي في نهاية المطاف إلى إنهاء الاضطهاد الصهيوني وتأسيس دولةٍ ديموقراطيةٍ تكامليةٍ بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط. لندرس هذه الخيارات بشكل أعمق:

الخيــار الأول: الحفــاظ علــى الوضــع القـــائم

يتّسم الوضعُ القائمُ بثلاث سمات جوهرية هي: أ ـ حرمانُ اللاجئين الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة؛ ب ـ استمرار استعمار الضفة وغزة (التي لا زالت خاضعة للاحتلال حتى بعد إعادة الانتشار) وقمعُ المواطنين فيهما؛ ج ـ تطبيقُ نسخةٍ صهيونيةٍ من الفصل العنصريّ (الأپارثايد) ضد الموطنين الفلسطينيين داخل حدود 1948.

 أ – حرمــان اللاجئيــن الفلسطينييــن من حقوقهـــم

تهرّبتْ إسرائيل دومًا من تحمُّل أيّ مسؤولية عن جريمةِ خَلْقِ أقدمِ وأضخمِ مشكلةِ لاجئين في العالم، برغم كلِّ الأدلّة الجنائية الكاسحة ضدها. والإسرائيليون، بشكل عامّ، يَعْتبرون تدميرَهم الهمجيَّ للمجتمع الفلسطينيّ وتهجيرَهم الشعبَ الفلسطينيَّ "استقلالاً" لهم. حتى "اليساريون" الملتزمون، غالبًا ما يتحسّرون على إضاعةِ إسرائيل "لتفوُّقها الأخلاقيّ" "بعد" احتلالها الضفةَ وغزةَ عام 1967، وكأنَّها قبل ذلك كانت ملتزمةً بالقوانين والأعراف الإنسانية والمدنية شأنَ فنلندا! ولذا يبدو وكأنَّ معظم الإسرائيليين الذين شاركوا في النكبة أو شَهِدوا أحداثَها قد أصيبوا بفقدان ذاكرةٍ مزمنٍ.. وانتقائيّ.

وبسبب الهولوكوست (المحارق النازية) والظروف القاسية التي نجمتْ عنها، زعمت إسرائيل أنَّها ـ خلافاً لأيّ دولة أخرى ـ كانت "مُجْبَرة" على حرمان اللاجئين الفلسطينيين من حقّهم في العودة إلى ديارهم وأراضيهم، حفاظاً على "الطبيعة اليهودية" للدولة. وتمضي الحجةُ الإسرائيليةُ بالقول إنّ تلك كانت الوسيلةَ الوحيدةَ للحفاظ على ملجإ آمنٍ ليهود العالم، "السوپر ضحايا" الذين لطالما عانوا عدمَ الأمان بين "الأغيار،" وإنّ هذا الهدف أهمُّ بكثير بطبيعة الحال من حقوق السكّان الأصليين، أي العرب الفلسطينيين. والحقّ أنْ ليس ثمة اليومَ أيُّ دولة على وجه الأرض تستطيع أن تُفلِتَ بمثل هذا التفكير العنصريّ الوقح بحقّها في النقاء العرقيّ.

كما أنّ حرمان إسرائيل الفلسطينيين من حقّ العودة، بالإضافة إلى استحالة الدفاع عنه أخلاقيًا، يَكْشف عن تناقض أخلاقيّ فريد في أمور عدة. فالقانون الإسرائيليّ الذي ينصّ على حقّ كل يهود العالم في "العودة،" مثلاً، يَسْتند إلى كونهم طُردوا من فلسطين قبل أكثر من ألفيْ عام. إذن، حين تَمْنع إسرائيلُ اللاجئين الفلسطينيين من العودة، مع أنَّهم طُردوا منذ 57 عاماً فقط ـ وهذا ظلمٌ أحدثُ بكثيرٍ من الناحية الزمنية، كي لا نقول أكثرَ من ذلك ـ فإنَّها عملياً تقول إنّ الفلسطينيين لا يُمْكن أن يكون لهم الحقُّ نفسُه لأنَّهم ـ ببساطة ـ ليسوا بشراً مساوين لليهود.

كما نجح آلافُ الإسرائيليين المتحدِّرين من أجدادٍ ألمان في التقدّم بطلبٍ للعودة إلى ألمانيا، فنالوا الجنسيةَ الألمانيةَ، وتلقَّوْا تعويضًا كاملاً عن ممتلكاتهم المنهوبة، وقَفَزَ عدد اليهود في ألمانيا من 27 ألفًا في أوائل التسعينيات إلى أكثر من 100 ألف في العام 2002. [هآرتس، 17/6/2003]

لكنّ قمة النفاق الأخلاقيّ تتجلّى في المثال التالي الوارد في صحيفة هآرتس: "قام يهود من أصلٍ إسبانيّ، بعد أكثر من خمسة قرون على طرد أسلافهم من إسبانيا، بمطالبة الحكومة والبرلمان الإسبانييْن بمنحهم الجنسيةَ الإسبانيةَ... إنّ على إسبانيا أن تُقرّ قانوناً 'يعترف بأنّ المتحدِّرين من صُلب اليهود المطرودين ينتمون إلى إسبانيا، وَيردُّ إليهم الاعتبار،' على ما يقول نسيم جايون، رئيسُ الاتحاد العالميّ لليهود الشرقيين. بل هناك بعضُ اليهود الشرقيين احتفظوا بمفاتيح بيوت أجدادهم في إسبانيا... ." [هآرتس، 15/10/2002]

ولكنْ يجب ألا نُنْكر أنّ حقّ اللاجئين الفلسطينيين في العودة يناقِضُ شروطَ حلّ الدولتيْن عن طريق"التفاوض". فالمسار التفاوضي ضمن موازين القوى الحالية يَشْترط بالضرورة قبولَ إسرائيل بعودة الفلسطينيين؛ وهو ما لن يَحْصل أبداً. وهذا ما يجعل حقَّ عودة الفلسطينيين كعبَ أخيل في أيّ صفقةٍ تخصّ ذلك الحلّ، ويَدْفعنا إلى القول إنّ حقّ العودة لن يُمْكن تنفيذُه إلاّ في إطار حلّ قائمٍ على دولة ديمقراطية علمانية واحدة ـ وهو حلّ سيُتيح لنا كشعب أن نحوِّل ضعفَنا قوة، ولاسيّما إذا قرّرنا اعتمادَ نهجٍ المقاومة المدنية من أجل بناء هذه الدولة؛ فذلك سيُكسبنا دعماً عالمياً هائلاً ويُحوِّل الصراعَ إلى نضالٍ واضحٍ من أجل التحرر والديموقراطية والمساواة والعدالة غيرِ المنقوصة.

ب – استمــرار احتــلال الضفــة وغـــزّة

كُتِب الكثيرُ عن جرائم إسرائيل في الضفة وغزة،[3] ولذا سأكتفي هنا بالإشارة إلى أبرز تجسيد لعنصرية وظلم وعنف الاحتلال: الجدار الكولونيالي، الذي يختزل الأنسنة النسبية من قبل إسرائيل للفلسطينيين.

بالرغم من أنّ إسرائيل تحاول الآن أن تصف الجدارَ بأنَّه حاجزٌ أمنيّ "يحميها من المفجِّرين الانتحاريين،" فإنّ الواقع هو أنّ المسار الحاليّ للجدار المذكور ليس بدعةً أبداً. [يديعوت أحرونوت، 23/5/2003] فقد اقترحه على آرييل شارون "نبيُّ التهديد العربيّ السكانيّ،" العالِمُ الديموغرافيُّ أرنون سوفِرْ، الذي يُصرّ على أنّ ما يُنفَّذ حالياً لجهة بناء الجدار هو من بنات أفكاره. ويعترف علناً بأنّ خطة الجدار قد رُسمتْ بهدفٍ واحدٍ لا غير: زيادةُ الأرض الفلسطينية الملحقة بإسرائيل، مع تقليلِ عدد "العرب" المصاحِبِ لتلك الزيادة.

على أنّ سوفر ربّما يعطي نفسَه فضلاً أكبرَ مما يستحقّه. فقد كَشَفَ رون ناحمان، رئيسُ بلدية مستوطنة آرييل في الضفة الغربية، إلى جريدة يديعوت أحرنوت أنّ "خريطة الجدار ... هي الخريطة عينُها التي كنتُ أراها عند كل زيارة قام بها آرييل شارون إلى هنا منذ عام 1978. وقد أخبرني أنَّه ظلّ يفكّر فيها منذ عام 1973." المعلوم أنَّه لم تكن هناك "تفجيراتٌ انتحاريةٌ" آنذاك!

لكنْ على الرغم من الانتهاك الفاضح الذي يشكّله الجدارُ لحياة الفلسطينيين وبيئتهم وحقوقهم السياسية، فإنّ ثمة "إجماعاً شبهَ كليّ" في صفوف اليهود الإسرائيليين على دعمه [هآرتس، 3/10/2003]. غير أنّ عدداً من الهيئات في إسرائيل "قلقةٌ" من أضرار الجدار... على الحيوان والنباتات "الإسرائيلية"! فوزيرةُ البيئة الإسرائيلية السابقة، يهوديت ناؤوت، احتجّت على الجدار قائلةً: "إنّ سياج الفصل يَقطع تواصُلَ المساحات المفتوحة، ويؤْذي المناظرَ الطبيعية، والحياةَ النباتيةَ والحيوانيةَ، والممرّات البيئيةَ، وتصريفَ مياه الجداول... أنا بالتأكيد لا أريد أن أُوقفَ أو أُؤخِّرَ بناءَ الجدار، لأنَّه ضروريّ وسيُنقِذُ أرواحاً... بيْد أنِّي في المقابل منزعجةٌ من الدمار البيئيّ الذي سيُحدثه.[هآرتس، 20/6/2003] ولهذا بذلتْ وزارتُها وسلطةُ حماية المنتزهات القومية الإسرائيلية مساعيَ حثيثةً لإنقاذ أرضٍ كانت مخصَّصةً لزراعة السوسن ولكنَّها تضرَّرتْ بسبب الجدار، فنقلتْها إلى محميّةٍ أخرى. كما عَمدت الوزارةُ والسلطةُ المذكورتان إلى إنشاء ممرّات صغيرة للحيوانات، ومكَّنَتا المياهَ من مواصلة التدفُّق في الجداول. ومع ذلك ظلّ الناطقُ باسم سلطة المنتزهات غيرَ راضٍ، بل اعترض بالقول: "إنّ الحيوانات لا تَعْلم بوجود حدودٍ الآن؛ فهي قد اعتادت مساحةً معيّنةً للعيش. وما يُقْلقنا أنَّ تنوُّعَها الجينيَّ سيتأثَّر سلبًا، لأنَّ المجموعات المختلفة لن تستطيع أن تتلاقح وتتناسل. إنّ عزْل المجموعات على جانبَي الجدار يَخْلق بالتأكيد مشكلةً جينيةً."[المصدر السابق]

لا عجب، إذن، أن تجد واحدةٌ باتّزانِ شولاميت آلوني، وهي عضوٌ سابقٌ في الكنيست، لزاماً أن تقول: "ليست لدينا غُرفُ غاز ولا مَحارِقُ جثثٍ، لكنْ ليست هناك طريقٌ واحدةٌ ثابتة للقتل!"[هآرتس، 6/3/2003]

ج – سيــاسة إسرائيــل في التمييــز العنصـــري

إنّ الدعوة إلى المساواة الشاملة والصريحة بين العرب واليهود داخل مناطق 48 أصبحتْ في عرف أكثر اليهود الإسرائيليين تساوي التمرد، إنْ لم نقل الخيانةَ. وقد سجَّل قاضٍ في المحكمة الإسرائيلية العليا مؤخّراً "أنّ من الضروريّ مَنْعَ يهوديّ أو عربيّ يطالِبُ بمساواة العرب في الحقوق [مع اليهود] من أن يَجْلس في الكنيست أو أن يُنْتخَبَ إليه."[4] كما أَظْهر استطلاع حديث أجراه معهد إسرائيل للديموقراطية أنّ 53  % من اليهود الإسرائيليين يعارضون منح المساواة الكاملة للمواطنين الفلسطينيين داخل دولة إسرائيل، وأنّ 57 % يعتقدون أنّ على هؤلاءالفلسطينيين "أن يُشجَّعوا على الهجرة." وكانت إحدى الخلاصات الأساسية لذلك الاستطلاع هي أنّ اليهود الإسرائيليين عندما يقولون "نحن" فإنَّهم بالكاد يَشْملون المواطنين الفلسطينيين داخل إسرائيل.[هآرتس، 22/5/2003]

في ما يخصّ حقوقَ ملكية الأراضي، تحديدًا، فإنّ اللامساواة صريحة واضحة. "يُمنع بيعُ الشقق في أرض إسرائيل للأغيار،" قال رئيسُ حاخامات إسرائيل عام 1986، على سبيل المثال.[هآرتس، 11/1/1986] والحال أنّ إسرائيل، في كلّ مجال حيويّ من مجالات الحياة، بما في ذلك قوانينُ الزواج والتنمية المدينية والتعليم، قد بنت نظاماًً شاملاً للتمييز العنصريّ لا مثيلَ له اليوم في العالم أجمع ضد مواطنيها الفلسطينيين.

وعليه، وبالاستناد إلى كلّ الأبعاد التي ذكرت أعلاه، تتّضح استحالةُ الحفاظ على الوضع القائم، إمّا بسبب مقاومة الفلسطينيين أو بسبب الإدانة الدولية له، أو الاثنين معاً.

الخيــار الثــاني – التطهيــر العرقـــيّ

غالباً ما يتساجل رجالُ السياسة والمثقفون والإعلاميون الإسرائيليون في أفضل الطرق لمواجهة "الحرب" الديموغرافية مع الفلسطينيين. قلّةٌ فحسبُ من الإسرائيليين تُعارض الاعتقادَ بوجود أو ضرورة وجود مثل هذه الحرب. غير أنّ الدعوة الإسرائيلية العامة إلى إخضاع الديموقراطية للديموغرافيا [هآرتس، 1/7/2002] استلزمتْ وتستلزم تبنّي آلياتٍ للحدّ من تزايد الفلسطينيين تُذكِّر بسياسات ألمانيا النازية.

وكمثال صارخٍ على ذلك، فقد اجتمع مجلسُ إسرائيل للديموغرافيا عام 2002 من أجل "تشجيع النساء اليهوديات في إسرائيل ـ ولا أحد غيرهنّ ـ على زيادة حَمْلهنّ للأطفال؛ وهذا مشروعٌ، إنْ كان لنا أن نَحْكم عليه بناءً على نشاط المجلس السابق، سيحاول أيضاً وقفَ الإجهاض [بين اليهوديات]،" بحسب جدعون ليفي في صحيفة هآرتس. هذا المجلس العالي الاعتبار، الذي يضمّ أبرزَ الأخصّائيين النسائيين والشخصيات العامة والعلماء والأطبّاء في إسرائيل، يركِّز أساساً على كيفية زيادة اليهود بالنسبة إلى الفلسطينيين داخل مناطق 48، وذلك باستخدام "وسائل لزيادة معدّل الخصوبة اليهودية ومنعِ الإجهاض."[هآرتس، 9/9/2002]

كما أنّ آرييل شارون، الذي يُقلقه التفوُّق العدديُّ الوشيكُ للغالبية العربية بين الأردن والبحر المتوسط، ناشَدَ القادةَ الروحيين بأن يسهِّلوا هجرةَ غيرِ العرب إلى إسرائيل حتى لو لم يكونوا يهوداً، وذلك لكي يقدّموا لإسرائيل "خزّانَ أمانٍ" ضدّ السكان العرب المتزايدين.[الغارديان، 31/12/2002] وهذا ما يفسر ترحيب إسرائيل خلال عقد التسعينيات بمئات الآلاف من غير اليهود القادمين من جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقاً.

ومع ذلك فإنّ الآلية الإسرائيلية المفضَّلة دوماً للحدّ من ازدياد العرب كانت ومازالت التطهيرَ العرقيَّ. وهذه الآلية التي مورستْ بشكل متواصل، وحظيتْ دائمًا بقبولٍ إسرائيليّ عامّ، بُعثتْ حيّةً من الدَّرَك الأسفل للصهيونية لتتبوّأ عرشَها. بل إنّ المؤرِّخ الإسرائيلي الشهير بني موريس حاجَجَ العام الماضي بأنّ إخلاءَ فلسطين من سكّانها العرب الأصليين عام 1948 "إخلاءً تاماً" كان يُمْكن أن يؤدِّي إلى السلام في الشرق الأوسط.[الغارديان، 3/10/2002] وهو ما استوجب ردًا من باروخ كيميرلنغ، الأستاذ في الجامعة العبرية، فكَتَبَ: "دعوني أمدَّ منطقَ بني موريس فأقول:... لو كان البرنامجُ النازيُّ للحلّ النهائيّ للمشكلة اليهودية كاملاً، فمِنَ المؤكّّد أنّ السلام كان سيَسُود اليومَ في فلسطين!"[الغارديان، 5/10/2002]

ولكنْ، يتساءل المرء، لماذا لا تحقِّق إسرائيلُ رغبتَها الآن في طرد بقية الفلسطينيين من وطنهم؟ المؤرخ الإسرائيلي التقدمي بامتياز إيلان پاپي يقدِّم جواباً مُقْنعاً: "إنّ الكوابح على التصرُّفات الإسرائيلية ليست أخلاقيةً ولا أدبيةً، بل تقنية. فكَمْ بإمكان إسرائيل فعلُه من غير أن تتحوّلَ إلى دولة منبوذة، ومن غير أن يُدْفع الأوروبيون إلى فرضِ عقوباتٍ عليها، أو أن يُجعلَ موقفُ الأميركيين المؤيِّد لها صعباً جداً؟"[الأبزيرفر، 15/6/2003]

ولكنّ هناك تفسيرًا آخرًا يكمل تفسير پاپي ويتناغم معه، وهو أنّ إسرائيل حاليًا تتمتّع بأمريْن في وقتٍ واحد: فهي تطبِّق على الأرض مزيجاً مُتقناً من الإجراءات التي تجعل حياةَ الفلسطينيين جحيماً لا يُطاق، فتَخْلق بيئةً تفضي إلى تطهير عرقيّ بالتدريج؛ ولكنَّها في الوقت نفسه تتجنّب القيامَ بمشهدٍ دراماتيكيّ يُجفل العالَمَ ويدعوه إلى شجب أفعالها وفرضِ العقوبات عليها.[5]

الخيــار الثــالث – الدولـــة الواحـــدة

إذا وضعنا جانباً طبيعةَ إسرائيل الكولونيالية، فإنّ السؤال هو: هل تستطيع دولةٌ تُصرّ على النقاء الإثنيّ، وعلى القمع المؤسّساتيّ والممنهج لحقوق الأقليات، أن تُصنَّفَ كدولةً ديموقراطيةً؟ حتى آبراهام بورْغ، وهو زعيم صهيونيّ صميم، توصل إلى الجواب الذي طرحه الفلسطينيون منذ البداية. فبعد أن هاجم القيادةَ الإسرائيليةَ بوصفها "عصابةً لا أخلاقيةً،" أكّد أنّ على إسرائيل، التي "ترتكز إلى دعامات من الفساد، وإلى أسسٍ من القمع والظلم،" أن "تُسقطَ أوهامَها وتختارَ بين القمع العنصريّ والديموقراطية".[الغارديان، 15/9/2003]

بغضّ النظر عمّا يقوله المنافقون والأنبياءُ الدجّالون من الفلسطينيين أو العرب، فإنَّه لا أمل لإسرائيل، كدولةٍ إقصائية كولونيالية-استيطانية،[6] بأن تُقبَل من قبل ضحاياها أو بأن يَغْفروا لها أبدًا اجتثاثهم من أرضهم وتدمير مجتمعهم. وعليها أن تعْلم أنّ مغفرة هؤلاء وحدهم هي ما يهم في نهاية المطاف.

لكنّ على الفلسطينيين، بل وعلى جميع العرب الذين وقَعَوا ضحيةَ إسرائيل، وبرغم الألم والحرمان والغضب التي تولِّده هذه الأنسنةُ النسبيةُ في صدورهم، أن يميِّزوا بين العدل والثأر: فالأول يؤدِّي إلى إزالة الاستعمار والظلم بشكل أخلاقيّ، في حين أنّ الثاني ينحطّ إلى دوّامةٍ لا تنتهي من اليأس واللا أخلاقية. يكتب پاولو فريري ما يلي: "إنّ نزع الأنسنة dehumanization، الذي لا يَصِمُ فقط مَنْ سُلبتْ منهم إنسانيتُهم بل يَصِمُ أيضًا (وإنْ بطريقة مختلفة) مَنْ سَلَبوها، هو تشويهٌ للرسالةِ الهادفة إلى أن نصبح بشراً بشكلٍ أكثرَ اكتمالاً... إنّ النضال من أجل الأنسنة ممكنٌ فقط لأنّ نزعَ الأنسنة... ليس قَدَراً معطًى بل نتيجةٌ لنظامٍ ظالمٍ يولِّد العنفَ في القامعين، فيَنْزعُ بدوره الإنسانيةَ عن المقموعين... ومن أجل أن يكون لهذا النضال معنًى، فإنّ على المقموعين...، ألاّ يتحوّلوا قامعين للقامعين، وإنّما أن يعيدوا الإنسانيةَ إلى الطرفين."[7]

إذا رفضنا الإنسانية النسبية من أيّ جهة أتت، وأصرينا على الاتّساق الأخلاقيّ، سنجد أنّ أكثر الوسائل أخلاقيةً لتحقيق سلام عادل ودائم في أرض فلسطين التاريخية هي بناءُ دولةٍ علمانيةٍ ديموقراطيةٍ بين الأردن والبحر المتوسط، ترتكز على الإنسانية المتساوية ومن ثم على الحقوق المتساوية بعد زوال جميع أشكال الاضطهاد الصهيوني.

وإذا وضعنا الأخلاقيات جانباً، سنرى أن حل الدولة الديمقراطية العلمانية هو الأكثر منطقية كذلك من بين جميع الأشكال المطروحة للدولة الواحدة، من "إسرائيل الكبرى" حتى "الدولة ثناية القومية". إن مفهوم ثنائية القومية binationalism تحديدًا (في سياق الصراع العربي-الصهيوني) هو الأضعف منطقيًا. فهو يُطرح -- بحسن نية أو بسوئها -- دون إدراك أنه يستند أساساً إلى اعتقاد خاطئٍ، وهو أنّ "القومية الإسرائيلية" معرَّفة. حتى هذه اللحظة، ولأسباب جوهرية في الأيديولوجية الصهيونية، لا يوجد تعريف مقبول لهذا المصطلح. وحدها "القومية اليهودية" هي التي يعترف بها الصهاينة. ولذلك، على سبيل المثال، "لدى وزارة الداخلية الإسرائيلية قائمة من 137 قومية، بما فيها أبخازي، أشوري، وسامري – ولكنك لن تجد ’إسرائيلي‘ من ضمنها. لا تعترف دولة إسرائيل بوجود قومية ’إسرائيلية‘ ... حتى المحكمة العليا [في إسرائيل] في عام 1970 حكمت بعدم وجود شيء اسمه قومية إسرائيلية".[هآرتس، 28/12/2003]

حتى لو قبلنا جدلاً بالتعريف الصهيوني ليهود العالم كأمة (وهذا مفهوم إشكالي ويتسم بالعنصرية)، وحتى لو اعترفنا بحقُّ هذه "الأمة اليهودية" في تقرير المصير في فلسطين (وهذا بحد ذاته يحتوي على تناقض منطقي، عدا عن نفيه حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه)، كيف نطبق الثنائية القومية بين الشعب العربي-الفلسطيني من جهة، ويهودِ العالمِ من جهة ثانية؟ كما أننا لا نستطيع أن نفرض على اليهود-الإسرائيليين وحدهم أن يُعرّفوا أنفسَهم كأمة، فغالبيتهم الساحقة ترفض هذا التعريف، لأنَّه يناقض المقدّمةَ المنطقيةَ الأساسيةَ للصهيونية. وهل يمكن اعتبار "الإسرائيليين" جميعًا (أي بمن فيهم العرب) أمة؟ بالتأكيد لا، لأنَّ ذلك ـ عدا افتراقه الجلي عن الصهيونية ـ سيَشْمل الأقليةَ الفلسطينية (20%) القاطنةَ بين ظهرانيهم، وهذا ما لا يمكن قبوله من قبل الصهيونية 

من كل ما تقدم، أستنتج أنّ الحلَّ القائمَ على دولة ديمقراطية واحدة، عدا عن كونه الأكثر أخلاقية والأكثر تماسكاً من الناحية المنطقية، فهو الأكثر قدرة على إتاحة فرصةً حقيقيةً لإنهاء الاستعمار والاضطهاد في فلسطين التاريخية من غير أن يتحوّل الفلسطينيون إلى قامعين لقامعيهم. وانسجاماً مع هذه الرؤيا سيكون على فلسطين الجديدة هذه: 

- أن تتيح وأن تسهِّل، لكلّ اللاجئين الفلسطينيين، العودةَ والتعويضَ عمّا خسروه، لكون ذلك هو التعويضَ الأخلاقيَّ الوحيد الذي يَقْبله الفلسطينيون مقابلَ ما عانَوْه طوال عقود. غير أنّ على مثل هذه العملية أن تتمسّك، في كلّ الأوقات، بالواجب الأخلاقيّ في تجنُّبِ إلحاق أيّ معاناةٍ ظالمةٍ أو غيرِ ضروريةٍ باليهود في فلسطين. 

- أن تَمْنح حقوقَ المواطنة الكاملة والمطلقة والمساوية لكلّ المواطنين، عرباً ويهوداً. 

- أن تَحْترم، وتشرِّع، بل وتغذِّي، الخصوصياتِ الثقافيةَ والدينيةَ والإثنيةَ، والتقاليدَ الخاصةَ بكلّ مجموعة، مع الحرص على الوعي الكامل بالانتماء إلى سياقٍ عربيّ أشمل. 

وعلى الإسرائيليين ألاّ يَعْتبروا هذا التحدي الأخلاقيَّ الفلسطينيَّ لوجودهم الاستعماريّ تهديدًا وجوديًا لهم هُمْ، كبشر، بل دعوة سمحاء إلى تفكيك الطبيعة الكولونيالية للدولة، وإلى إتاحةِ الفرصة أمامهم كيهود في فلسطين للتمتّع بحالةٍ سويّةٍ بوصفهم بشرًا متساوين ومواطنين متساوين مع الفلسطينيين في دولة ديموقراطيةٍ علمانيةٍ، لا أسياد فيها ولا عبيد، قادرة أن تكون أرضًا واعدة حقاً لا "أرض ميعاد" كاذبة.

______________________ 

هذا المقال هو ملخص لمقال مطوّل نشر أصلا في مجلة الآداب اللبنانية (عدد 2-1 2004 /).

عمر البرغوثي هو محلل سياسي وناشط في مجال المقاطعة كأحد أشكال المقاومة. يَدْرس الفلسفة في جامعة تل أبيب، وموضوعُ بحثه: "نظرة أخلاقية إلى الدولة الديموقراطية العلمانية في فلسطين التاريخية". 

مراجــع وهوامـــش:  

 [1]  بيّنتْ عدةُ أبحاث آثارية أنّ معظم قصص التوراة التي يستخدمها الصهاينةُ لتعزيز حقّهم في فلسطين لم تستندْ إلى شواهد من تاريخ هذه المنطقة "المبنيّ على أدلّة مباشرة من علم الآثار والجغرافيا التاريخية، وتَدْعمه تناظراتٌ مستقاةٌ أساسًا من الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع واللسانيات،" على نحو ما كتب عالمُ الآثار توماس ل. تومپسون   www.bibleinterp.com/articles/copenhagen.htm

[2]        "The Origins and Evolution of the Palestine Problem," UN Committee on the Exercise of the Inalienable Rights of the Palestinian People,

 http://domino.un.org/UNISPAL.NSF/0/aeac80e740c782e4852561150071fdb0?OpenDocument

[3] على سبيل المثال، انتهى فحصُ منظمة العفو الدولية لتصرّفات إسرائيل أثناء الانتفاضة الحالية إلى الاستنتاج التالي: "هناك نسقٌ من الانتهاكات المريعة لحقوق الإنسان التي يُمْكن أن تُعتبر جرائمَ حرب." www.cnn.com/2000/WORLD/meast/11/01/mideast.amnesty.reut

[4]        Edward S. Herman, Israeli Apartheid And Terrorism, Z-Magazine, 29 April 2002. http://zena.secureforum.com/Znet/ZMag/articles/may94herman.htm  

[5] يَشْرح الناشطان السلاميان غادي الغازي وعزمي بدير أنّ الترانسفير "ليس بالضرورة لحظةً دراماتيكيةً، لحظةً يُطرد فيها الناسُ ويفرّون من مدنهم وقراهم. إنَّه ليس بالضرورة انتقالاً مخطَّطًا له ومنظَّمًا بدقة، بباصاتٍ وشاحناتٍ مليئةٍ بالناس... الترانسفير عمليةٌ أعمقُ من ذلك، عمليةُ دبيبٍ بعيدةٌ عن الأنظار... المكوِّنُ الأساسيُّ فيها هو التقويضُ التدريجيّ للبنية التحتية لحياة السكان الفلسطينيين المدنية في مناطق 76: خَنْقُها المتواصلُ بالإغلاقات والحصارات التي تَمنع الناسَ من الوصول إلى أعمالهم أو مدارسهم، ومن تلقّي الخدمات الطّبية، وتَمْنع خزّاناتِ الماء وسياراتِ الإسعاف من العبور، الأمرُ الذي يعيد الفلسطينيين إلى عصر الحمار والعربة. هذه الإجراءات مجتمعةً تُضْعف تحكُّمَ السكان الفلسطينيين بأرضهم."

 Ran HaCohen, "Ethnic Cleansing: Past, Present, and Future," www.Antiwar.com, December 30, 2002.

[6] حتى ميرون بنفنيستي، نائب رئيسُ بلدية القدس سابقًا، يصرّح بالتالي: "القصة الأساسية هنا ليست بين حركتيْن قوميتيْن تواجه واحدتُهما الأخرى... بل بين أبناء البلاد والمستوطنين. إنَّها قصةُ أصلانيين يشعرون أنّ الناس القادمين من وراء البحار اخترقوا موطنَهم الطبيعيَّ وسلبوهم ما يَمْلكون." راجعْ:          Ari Shavit, "Cry, the Beloved Two-State Solution," Ha'aretz, August 10, 2003

[7]        Paulo Freire, Pedagogy of the Oppressed (NY: Herder & Herder, 1972), p. 28.

.