أخبار بديــل

حماية دولية أفضل للاجئين الفلسطينيين: تحليل نقدي للتفسير المنقح الذي تبنته مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين الخاص بوضع اللاجئين الفلسطينيين بموجب القانون الدولي للاجئين.

حماية دولية أفضل للاجئين الفلسطينيين

تحليل نقدي للتفسير المنقح الذي تبنته مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين الخاص بوضع اللاجئين الفلسطينيين بموجب القانون الدولي للاجئين.

 طالب اللاجئون الفلسطينيون منذ عام 1948، بتوفير الحماية الدولية لهم ليتمكنوا من ممارسة حقهم في العودة إلى ديارهم وأراضيهم التي انتزعتها إسرائيل منهم دون وجه حق. ومن منافيهم في الشرق الأوسط وأوروبا وأماكن أخرى، طالبوا بحماية حقهم في حرية التنقل، ولم شمل عائلاتهم، والحصول على التعليم والعمل والسكن المناسب. وغالباً ما أطلق اللاجئون الفلسطينيون من عمق محنتهم وفرط حاجتهم للحماية نداءاتهم مطالبين المجتمع الدولي بحمايتهم من التعرض للتهجير القسري مرة أخرى، ومن العقوبة الجماعية والتدمير التعسفي لممتلكاتهم، ومن جرائم الحرب التي تقترف بحقهم.

 ولقد أدت مذابح صبرا وشاتيلا في بيروت، وانتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان أثناء الانتفاضة الفلسطينية الأولى، في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة (1987 – 1991)، والطرد الجماعي من الكويت وليبيا في أوائل التسعينيات، إلى اتخاذ الأمم المتحدة قرارات والقيام بمبادرات جديدة هدفت إلى تحسين الحماية الدولية للاجئين الفلسطينيين. إلا أن هذه الجهود لم تؤد إلى تحسينات جوهرية على كل حال، حيث يواصل اللاجئون الفلسطينيون في كل مواقع اللجوء، المطالبة بتوفير الحماية الدولية لهم، وهم يواجهون الهجمات الإسرائيلية العسكرية الشديدة التي تمارس ضد سكان المخيمات المدنيين في الانتفاضة الثانية الحالية.

 الاستثناء من نظام الحماية الدولية طوال خمسة عقود:
 وفرت معاهدة 1951 الخاصة بوضع اللاجئين (معاهدة اللاجئين)، لمدة تزيد على خمسة عقود من الزمن، إطاراً قانونياً دولياً للحماية الدولية للاجئين. ومنذ عام 1950 عمل مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين باعتباره الوكالة الدولية الأساسية المفوضة بتوفير الحماية للاجئين.

 إلا أن اللاجئين الفلسطينيين في معظمهم، لم يستفيدوا حتى اليوم سوى القليل من نظام الحماية الدولية هذا. ولا يملك مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين تفويضاً محدداً لتوفير الحماية للاجئين الفلسطينيين. "فدليل مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين الخاص بالإجراءات والمعايير لتحديد وضع اللاجئين" “UNHCR Handbook on procedures and criteria for Determining Refugee Status”، وهو مرجع رئيس لصناع السياسة والعاملين في مجال قانون اللاجئين، نظر إلى اللاجئين الفلسطينيين بالأساس، من خلال استثنائهم من التفويض الممنوح لمفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين. (أنظر الفصل الرابع – شروط الاستثناء).

 تفسير مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين لمعاهدة اللاجئين لعام 1951، الذي استمر زمناً طويلاً، واستثنى اللاجئين الفلسطينيين (خاصة اللاجئين المقيمين في مناطق عمليات الأنروا)، استند إلى الفهم القائل بأن الأنروا هي التي كانت تقدم الحماية أو المساعدة للاجئين الفلسطينيين. واستناداً إلى معاهدة اللاجئين لعام 1951 (المادة 1-د)، فإن الأشخاص الذين يتلقون حماية أو مساعدة من وكالة قائمة للأمم المتحدة، مستثنون من المعاهدة إلى أن تتوقف الحماية أو المساعدة التي يحصلون عليها لأي سبب. ولم يميز هذا التفسير بين تفويض الحماية الممنوح للجنة الأمم المتحدة للتوفيق حول فلسطين (UNCCP) التي توقفت عن توفير الحماية في أوائل الخمسينيات، وبين تفويض المساعدة الممنوح للأنروا.

 أطلقت مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين مبادرتها الأولى عام 2002، لمعالجة الفجوات البينة (فجوة الحماية) في نظام الحماية الخاص باللاجئين الفلسطينيين. فهنالك فجوات خطيرة في حماية الحقوق اليومية للاجئين الفلسطينيين في المنفى. ولعل أصعب المشاكل هي في لبنان وفي الأرضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. كما تعترض مشاكل خطيرة مماثلة، البحثَ عن حلول دائمة (كالعودة، واستعادة الممتلكات والتعويض)، بما ينسجم مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. وليس هناك اعتراف حالياً بامتلاك أية وكالة تفويضاً صريحاً لتوفير الحماية الدولية للاجئين الفلسطينيين.

 التفسير الجديد لمفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، الخاص بوضع اللاجئين الفلسطينيين بموجب معاهدة 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين الفلسطينيين.

 انتهى العمل على التفسير المنقح لمفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، الخاص بوضع اللاجئين الفلسطينيين بموجب معاهدة اللاجئين لعام 1951، وتم نشره في أيلول عام 2002. (للحصول على نسخة كاملة من التفسير المنقح، أنظر المراجع في نهاية هذا التحليل).

 جوانب إيجابية:

 1- يتطرق التفسير المنقح إلى كل فئات اللاجئين الفلسطينيين وفئة الفلسطينيين المهجرين في الداخل. ويذكر التفسير بوضوح ثلاث فئات من اللاجئين الفلسطينيين الواقعين في نطاق معاهدة 1951:

 一- "فلسطينيون لاجئون" بالمعنى الوارد في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 (لعام 1948)، وهم الذين تعرضوا للتهجير من ذلك الجزء من فلسطين الذي أصبح إسرائيل، والذين لم يتمكنوا من العودة إلى هناك. وتشمل هذه الفئة ضمناً فلسطينيي 1948 المهجرين في الداخل (في إسرائيل). وتحتاج مضامين هذا التفسير إلى توضيح إضافي. فكثير من المعايير الخاصة بوضع اللاجئين في قانون اللاجئين الدولي، تضمن معاملة متكافئة في بلد اللجوء مع الأجانب فقط. ولذلك فإنها قد تكون غير قابلة للتطبيق على الفلسطينيين المهجرين في الداخل وهم مواطنون في إسرائيل.

二- "أشخاص مهجرون/نازحون" بالمعنى الوارد في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2250 (ES-V) الصادر في 4 تموز (يوليو) عام 1967، الذين لم يتمكنوا من العودة إلى الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1967.

ج- "لاجئون فلسطينيون" ليسوا لاجئي 1948 ولا مهجري/نازحي 1967، وهم خارج الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1967، وليسوا قادرين أو راغبين في العودة إلى هناك بسبب الخوف المبرر جيداً من التعرض للاضطهاد.

 2- أقر التفسير المنقح الذي تبنته مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين بأن المادة (1-د) (الجملة الثانية)، تؤدي أيضاً وظيفة "شرط شمول". والإشارة السابقة إلى المادة (1-د) في دليل مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين (الفصل الرابع – شروط استثناء)، عاملتها على أنها (شرط استثناء) وحسب. وبموجب التفسير الجديد، يعتبر لاجئو 1948 (الفئة أ) ولاجئو 1967 (الفئة ب) "لاجئي معاهدة"، وذلك ببساطة لأنهم في الحقيقة ينتسبون إلى إحدى هاتين الفئتين (تعريف المجموعات اللاجئة). وتقر مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين بأن أعضاء هذه المجموعة لا يحتاجون إلى إثبات الاضطهاد الشخصي كي يكونوا محميين بموجب معاهدة اللاجئين لعام 1951. إن إثبات الاضطهاد المبرر جيداً (كما ورد في المادة "1-أ " من المعاهدة في تعريف اللاجئ الفرد)، هو أمر مطلوب، ولكن بالنسبة للفلسطينيين من الأراضي المحتلة عام 1967، الذين يطالبون بأن يكون لهم وضع لجوء (الفئة ج). وينبغي أن يسهل تفسير مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين المنقح، التوافق والانسجام ومعالجة طلبات الحماية التي يرفعها لاجئون فلسطينيون / مهجرون-نازحون إلى السلطات المحلية في الدولة.

 3- ينص التفسير المنقح بأن لاجئي 1948 (الفئة أ) ولاجئي 1967 (الفئة ب) محميون بمعاهدة 1951 طالما كانوا يقيمون خارج منطقة عمليات الأنروا. واستناداً إلى المادة (ا-د) (الفقرة الثانية)، لا يحتاج مثل هؤلاء الأشخاص إلى إثبات أنهم خارج تلك المنطقة قسراً. وينبغي لمثل هذا التفسير أن يسهم في وضع حد للخلاف حول "وجوب العودة “Returnability” في خدمات الهجرة والمحاكم المحلية بالنسبة للفلسطينيين الذين هم بغير ذلك مؤهلون للحصول على الحماية بموجب معاهدة 1951.

 4- يقر التفسير المنقح بوضوح بأنه يحق للمتحدرين من لاجئي 1948 (الفئة أ) ومن لاجئي 1967 (الفئة ب) الحصول على الحماية بموجب معاهدة 1951، حتى لو لم يقم مثل هؤلاء المتحدرين أبداً في منطقة تقع ضمن عمليات الأنروا. وبذلك فإن مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، تؤكد وضع حماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين والأشخاص المهجرين/النازحين كما هو مطبق في قرارات الأمم المتحدة السابقة وممارسة وكالات الأمم المتحدة (كالأنروا مثلاً).

 جوانب سلبية:

 النقص الكبير في التفسير المنقح للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، من منظور اللاجئين الفلسطينيين الذين يحتاجون للحماية، هو غياب تفسير واضح لمصطلح "الحماية أو المساعدة" في الإشارة إلى نظام الأمم المتحدة الخاص باللاجئين الفلسطينيين. إذ يستمر التفسير المنقح في استخدام عبارة "الحماية أو المساعدة" فقط فيما يتعلق بالأنروا، دون إشارة واضحة لتفويض الحماية الخاص بلجنة الأمم المتحدة للتوفيق حول فلسطين (UNCCP) رغم أن كلتا وكالتي الأمم المتحدة هاتين كانت موجودة عند صياغة معاهدة اللاجئين لعام 1951. والانروا تملك تفويضاً بتقديم المساعدة فقط مع خيارات محدودة لتقديم الحماية.

 وبينما ينص التفسير على أنه لم تقم الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا أي قرار صادر عن الأمم المتحدة بالحد من نطاق التفويض الممنوح للأنروا تحديداً، فإنه من الصواب القول كذلك وعلى المستوى نفسه، وبنتائج بديهية، أنه لا الجمعية العامة ولا قرارات الأمم المتحدة تحديداً، وسعت من نطاق انتداب التفويض الممنوح للانروا ليشمل توفير الحماية الشاملة للاجئين الفلسطينيين. ولا يشار إلى حقيقة أن الأمم المتحدة شكلت وكالة معينة لتوفير الحماية للاجئين الفلسطينيين (وهي لجنة الأمم المتحدة للتوفيق حول فلسطين (UNCCP)) والتي توقفت عن توفير حماية فعلية في أوائل الخمسينيات، إلا في أحد الهوامش. ونتيجة لذلك، لا يسهم التفسير المنقح في حل مسألة هامة وهي: "أية وكالة هي المسؤولة عن توفير الحماية الدولية للاجئين الفلسطينيين؟؟".

 1- إن تطبيق شروط التوقف ا-ج/ ا-ه/ ا-و في معاهدة اللاجئين لعام 1951، على لاجئي 1948 (الفئة أ)، ولاجئي 1967 (الفئة ب) هو مسألة شائكة. وينص شرط التوقف (ا-ه) بأن الحماية بموجب معاهدة 1951 لا تنطبق على أشخاص حصلوا على حقوق الجنسية / المواطنة في دولة أخرى. ويتغاضى هذا التفسير عن حقيقة أن لاجئي فلسطين وأشخاصها المهجرين/النازحين هم لاجئو معاهدة بموجب المادة (ا-د)، التي تنص على أن حماية المعاهدة تتوقف فقط "إذا تمت تسوية وضع مثل هؤلاء الأشخاص بشكل محدد وواضح بموجب القرارات ذات الصلة، التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة"، كتطبيق حل واضح بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194. ولذا فإن التفسير المنقح لا ينسجم مع لغة ومقصد معاهدة 1951 نفسها. ويمكن أن يكون لهذا التفسير تداعيات سياسية خطيرة بالنسبة للاجئين الفلسطينيين، الذين حصلوا على إقامة / مواطنة دائمة في مكان آخر، ويرغبون في الوقت نفسه في ممارسة حقوقهم ( في العودة واستعادة الممتلكات والتعويض) في إطار حل دائم لمسألة اللاجئين الفلسطينيين.

 2- لا يوفر التفسير المنقح تحليلاً قانونياً واضحاً بخصوص وضع اللاجئين الفلسطينيين باعتبارهم "أشخاصا بدون جنسية"، وللافتقار إلى الوضوح في هذه المسألة تداعيات سلبية بخصوص بنود إضافية، تتعلق بالحماية الدولية بموجب معاهدة 1961 الخاصة بتقليص (انعدام الجنسية).

 3- التفسير المنقح الذي يشمل معلومات تفصيلية حول معايير وقواعد الأنروا الخاصة بتسجيل اللاجئين، لا يتطرق أو يعلق بشكل نقدي على سياسة الأنروا في تسجيلا اللاجئين، بالنسبة للمتحدرين من صلب الذكور. إن التسجيل وفق النسب الذكوري (الانتساب للأب) إنما يشكل انتهاكاً لمبادئ عدم التمييز والمساواة في النوع الاجتماعي التي طورتها الأمم المتحدة.

 يناشد بديل، مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، والأنروا، ووكالات الأمم المتحدة الأخرى، وكذلك المجتمع المدني الفلسطيني، ومنظماته العاملة في مجتمعات اللاجئين المحلية، أن تواصل بشكل ملح، النقاش البناء حول المبادئ والآليات التي يمكن أن تحسن مجال ونوعية الحماية الدولية للاجئين الفلسطينيين. يجب أن يحدد مثل هذا النقاش مدى ومقدار "فجوة الحماية" التي يواجهها اللاجئون الفلسطينيون، وأن يتناول كيفية إغلاق فجوة الحماية هذه ومن يقوم بذلك. كما يجب أن يأخذ النقاش بالاعتبار تفسير مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين لعام 2002، حول وضع اللاجئين الفلسطينيين بموجب معاهدة اللاجئين لعام 1951، وأن يقود إلى توضيح مسائل طرحت في التحليل الوارد أعلاه. وسيواصل مركز بديل جهوده ضمن حدود إمكانياته المتواضعة قيادة هذا الحوار.

 ملاحظات:

· يمكن الإطلاع على النص الأصلي للتفسير الجديد لمفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين الصادر في عام 2002، بعنوا ن: " مذكرة بشأن سريان الفرع دال من المادة 1 من معاهدة 1951 الخاصة بوضع اللاجئين على اللاجئين الفلسطينيين"، وكذلك، التفسير السابق للمادة 1-د في معاهدة اللاجئين لعام 1951 على العنوان التالي:

http://www.badil.org/Arabic%20Website/Protection/Documents/protection_documents.htm

 · يمكن الحصول على معلومات مناسبة حول خلفية الموضوع، في أوراق بديل للنقاش رقم 5 (لجنة الأمم المتحدة للتوفيق حول فلسطين (UNCCP))، ورقم 6 (الأنروا) ، ورقم 7 (مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين) على العنوان التالي: http://www.badil.org/Arabic%20Website/Publications/Briefs/briefindex.htm

 · معلومات إضافية حول خلفية الموضوع نوصي بالاطلاع عليها، (لا يعني إيراد أسمائها هنا قبول بديل بالضرورة بكل نقاط التحليل التي تتضمنها)، وباللغة الإنجليزية.

q Lex Takkenberg: The Status of Palestinians in International Law; Oxford University Press, 1998.

q Susan Akram and Guy Goodwin-Gill: Brief Amicus Curiae, at :

على العنوان التالي: http://www.badil.org/Publications/Others/Refugees/amicus.pdf