أخبار بديــل

استيـطــان أم استـعمــار – عــــودة الـى أصــل الصـــراع

استيـطــان أم استـعمــار – عــــودة الـى أصــل الصـــراع

 تعتبر المستوطنات الإسرائيلية "اليهودية" احد أوجه الاستعمار في عالمٍ يعتبر الأخير بجميع أوجهه خارجاً عن القانون، كما يقول مبعوث الأمم المتحدة الخاص حول حقوق الإنسان في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967، جون دوغارد. كما يقترح المبعوث الخاص بأن الوقت قد حان لأن يغير المجتمع الدولي مصطلحاته، بحيث يبدأ باستخدام مصطلح "مستعمرات" و"مستعمرين" فيما يتعلّق بالمستوطنات اليهودية والمستوطنين.

 إن الإعلان الأخير للحكومة الإسرائيلية عن نيتها توسيع مستعمرة "معاليه أدوميم"، على أراضي القدس الشرقية المحتلة، يعتبر شكلاً جليا وفريدا من أشكال الاستعمار: سيطرة حصرية على الأراضي وإقصاء السكان الفلسطينيين الأصليين عنها. تقع مستعمرة "معاليه أدوميم" على أراضي تعود ملكيتها لقريتي أبوديس والعيزرية الفلسطينيتين، ومن المفترض أن يضم جدار الفصل العنصري الإسرائيلي هذه المستوطنة في داخله.

 لم يبدأ المشروع الإستعماري بعد حرب العام 1967، بل إنه يعود الى ما قبل تأسيس الدولة العبرية في العام 1948، حيث هدف الاستعمار الصهيوني حينئذ الى تأسيس قاعدة سكانية ذات تواصل جغرافي ضروري لإنشاء مثل هذه الدولة على أراضي فلسطين التاريخية.

 وبعد نكبة فلسطين في العام 1948، تم تدعيم المشروع الاستعماري الصهيوني من خلال استخدام اراضي اللاجئين الفلسطينيين ومنعهم من العودة الى ديارهم وقراهم المهجرة، والحفاظ على سيطرة يهودية على هذه الأراضي والمناطق، وكذلك قطع التواصل الجغرافي للمدن والقرى الفلسطينية التي قدّر لها البقاء في المناطق التي قامت عليها إسرائيل. وهو ما فعلته حكومات إسرائيل المتعاقبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، على مدار السبعة وثلاثين عام الماضية. لقد جاءت القوانين العسكرية والإجراءات الإدارية التي استخدمت لتنفيذ ذلك المشروع الاستعماري في الأراضي المحتلة جاءت فقط كتعديل طفيف على نفس القوانين التي استخدمت للسيطرة على الأراضي داخل الخط الأخضر.

 إن رد فعل المجتمع الدولي تجاه التوسع الإسرائيلي المستمر للمستعمرات اليهودية هو بمثابة اختبار لمدى التزامه بحكم القانون. لقد اتفق المشاركون في اجتماع لندن، الذي عقد بداية هذا الشهر تحت عنوان "دعم السلطة الوطنية الفلسطينية"، على أنه يجب تنفيذ "خطة الانفصال" دون التأثير على مفاوضات الوضع النهائي، وبالتوافق مع القوانين والشرائع الدولية.

 إن المرحلة الأولى من "خارطة الطريق" تقضي بأن على حكومة إسرائيل تجميد جميع الأنشطة الاستيطانية، بما في ذلك النمو الطبيعي للمستوطنات، على ان يتم معالجة قضية المستعمرات الإسرائيلية ضمن المرحلة الثالثة من الخطة وفي سياق مؤتمر دولي تعقده اللجنة الرباعية الراعية للخطة، بالتشاور مع جميع الأطراف المعنية.

 ويقول دوغارد، المبعوث الخاص للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان في المناطق الفلسطينية المحتلة، أن هذا الوقت غير مناسب لممارسة الإسترضاء من قبل المجتمع الدولي. حيث تشكّل المستعمرات خرقاً صارخاً للقانون في حين ان للمجتمع الدولي مصالح قانونية وأدبية في إزالة تلك المستعمرات. إن الاستعمار يثير سلسلة من التساؤلات حول إمكانية كون سياسة بناء الثقة وحدها كافية للوصول إلى إذعان واستجابة إسرائيل تجاه التزاماتها بحسب القانون الدولي، وتجاه الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، وكذلك متطلبات خارطة الطريق.

 كما تثير العديد من التساؤلات حول طبيعة الصراع. فمنذ العام 1967، اعتمدت جهود السلام المبذولة على فرضية أن جذور الصراع هو الاحتلال العسكري الإسرائيلي منذ عام 1967. فهل من الممكن تحقيق إنهاء هذا الاحتلال دون معالجة طبيعة دولة إسرائيل كدولة استعمارية؟