أخبار بديــل

(١٤ أيار ٢٠١٧) النكبة ليست ذكرى... النكبة مستمرة! بيان 69 عاماً على النكبة الفلسطينية صادر عن الشبكة العالمية للاجئين والمهجرين الفلسطينيين
PR/AR/140517/33
النكبة ليست ذكرى... النكبة مستمرة!
بيان 69 عاما على النكبة الفلسطينية

الشبكة العالمية للاجئين والمهجرين الفلسطينيين
 
النكبة الفلسطينية مستمرة، ليس فقط عبر سياسات التهجير القسري تجسيدا للاستراتيجية الصهيونية - الاسرائيلية الهادفة الى الاستيلاء على اكبر مساحة ممكنة من الارض باقل عدد من الفلسطينيين؛ بل وايضا المستمرة عبر تنصل المجتمع الدولي من مسؤولياته، وانهيار العمق العربي المساند، واستمرار الانقسام الفلسطيني، وتآكل منظمة التحرير الفلسطينية جوهراً وأداءً امام تعاظم دور السلطة الوطنية الفلسطينية المقيدة باتفاقات أوسلو الهزيلة ونتائجها الكارثية على حقوقنا الوطنية وفي مقدمتها العودة إلى الديار الاصلية التي شرد منها شعبنا.   

في الذكرى التاسعة والستين للنكبة الفلسطينية، وفي العام مئة لاصدار وعد بلفور الباطل تبدو الحاجة اكثر من ماسة وملحة لاعادة النظر في منهج التعامل مع القضية الفلسطينية فلسطينيا وعربيا ودوليا. ولعله اصبح من نافل القول ان منهج معالجة القضية بالتدخلات الاغاثية الطارئة تحت مسمى المساعدات الانسانية والمعونات والمنح، الى جانب منهج الحل عبر التفاوض المباشر بالاستناد الى موازين القوى القائمة حاليا في ظل ما يعرف بعملية سلام اوسلو وما انتجته من تكريس لواقع اللجوء والحرمان من الحقوق الاساسية والتنصل من المسؤوليات، هي مناهج عقيمة ولا تعدو كونها انتاج جديد للنكبة. ان المناهج السائدة لا تنسجم مع متطلبات التحرر الوطني ولا مع مبدأ احقاق الحقوق الوطنية الفلسطينية. ان المسؤولية الوطنية تقتضي، ليس فقط الاعتراف بفشل منهج الاغاثة الدولية وعملية سلام اوسلو، بل وبناء استراتيجية وطنية تكون قادرة على معالجة جذور الصراع ومواجهة الاستراتيجية الصهيو- إسرائيلية المتثمثلة في الاستيلاء على اكبر مساحة من الارض باقل عدد من الفلسطينيين.

تحلّ الذكرى التاسعة والستين للنكبة في وقت يواجه فيه الشعب الفلسطيني أحلك الظروف السياسية عبر تاريخه. يتمثل ذلك في الغياب المطلق للارادة السياسية للمجتمع الدولي ككل، وللدول منفردة عن معالجة جذور الصراع وبالتحديد نكبة الشعب الفلسطيني المستمرة عبر التهجير القسري،  واخفاق المجتمع الدولي في تنفيذ القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1948، والقرار رقم 237 الصادر عن مجلس الامن للعام 1967، واستمرار منحه اسرائيل حصانة الافلات من العقوبة والمحاسبة على جرائمها والانتهاكات الجسيمة التي تمارسها بحق الفلسطينيين؛ الامر الذي لا يمكن تفسيره الا بتعمد مواصلة تهميش القضية اللفلسطينية.
 
وبلا شك، يشكل صمت المجتمع الدولي تجاه مطالب الاسرى الفلسطينيين دليلا جديدا وواضحا على حالة غياب الارادة الدولية. يتمثل هذا العجز في عدم الاستجابة عمليا لدعم المطالب العادلة لما يزيد عن 1000 اسير فلسطيني المتمثلة بالحق في المعاملة الكريمة، والرعاية الصحية اللائقة، والحق في التعليم، والحق في الحصول على محام، والزيارات، والحصول على ادوات الاتصال. ان موقف العجز هذا، خصوصا وان الاسرى الفلسطينيين في حاجة ملحة وعاجلة للحماية وللتدخل الدولي، يخدم محاولات شيطنة الفلسطينيين ونزع صفة الانسانية عنهم وعن نضالهم المشروع لنيل حقوقهم وحريتهم وتحقيق العدالة.
 
وفي سياق متصل، تشكل عمليات التهجير القسري الاساسي واللاحق (الثانوي والمتعددة) للفلسطينيين داخل فلسطين بحدودها الانتدابية وخارجها خرقا واضحا لكافة الاعراف والمعايير الدولية لا سيما للقانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان. وبالتزامن مع غياب الحماية الدولية للفلسطينيين، وتقليص المساعدات الانسانية الى ما دون الحد الادنى المطلوب، يبقى اللاجئون والمهجرون الفلسطينيون يشكلون اكبر مجموعات اللاجئين في العالم واكثرها تهميشا. اليوم وبعد 69 عاما من النكبة، ما زال نحو 66% من مجموع الشعب الفلسطيني البالغ تعداده 13 مليون تقريبا، يعانون ويلات التشرد على الاقل لمرة واحدة في حياتهم؛ ناهيك عن ان عددا كبيرا منهم عاش ويلات التشرد والتهجير لمرات متعددة.
 
ان تجاهل المجتمع الدولي وتقاعسه عن الايفاء بمسؤولياته، بالترافق مع عدم الالتزام بما جاء في العشرات من المعاهدات والمواثيق والقرارت الدولية، لا يسمح بتزايد اعداد المهجرين الفلسطينيين وحسب؛ وانما ايضا يجعلهم عرضة لممارسة التمييز الرسمي ضدههم. اليوم، تعاني المجتمعات الفلسطينية على جانبي الخط الاخضر من جملة من السياسات الاسرائيلية التي تهدف الى خلق بيئة قهرية تؤدي الى تهجير الفلسطينيين قسريا عبر عدد من السياسات الاسرائيلية مثل؛ مصادرة الاراضي والحرمان من الانتفاع منها، الحرمان من استخدام والانتفاع بالمصادر الطبيعية، والحرمان من الحق في الاقامة بالاضافة الى نظام التصاريح العنصري.     
 
وفي الوقت نفسه، وللاسف أصبح التهجير القسري الثانوي (اللاحق للتهجير الاصلي) الذي يتعرض له الفلسطينيون في الشتات ظاهرة اعتيادية؛ حيث ان هؤلاء اللاجئين كالذين اتخذوا من سوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرها من الدول المستضيفة للاجئين ملجأ لهم، يجبرون على المغادرة والفرار جراء نقص الحماية المقدمة لهم و/او جراء العنف والصراعات المسلحة. ان العديد من دول اللجوء الثانية او الثالثة فشلت، بطريقة او باخرى، في تقديم الحماية الدولية الضرورية والواجبة للاجئين الفلسطينيين الباحثين عن ملجأ في دولهم. وبدلا من اخذ حساسية وضعف اللاجئين الفلسطينيين بعين الاعتبار عبر مساواتهم باقرانهم من اللاجئين من جنسيات اخرى، قامت العديد من الدول باتخاذ اجراءات وسياسات تمييزية ضدهم في مخالفة جسيمة لاحكام قانون اللاجئين الدولي.
 
فبينما قامت العديد من الدول باغلاق حدودها في وجه اللاجئين الفلسطينيين في انتهاك جسيم للقاعدة العرفية المتثملة في عدم الاعادة القسرية، قامت دول اخرى باستثناء اللاجئين الفلسطينيين من انظمة وبرامج منح اللجوء والحماية التي يتم تقديمها لاقرانهم من اللاجئين السوريين والعراقيين واليمنيين الذين فرّوا من ديارهم تحت وطأة الاسباب ذاتها. هذه الاجراءات جعلت من آلاف الفلسطينيين عالقين على الحدود بلا خيارات سوى العودة الى مناطق الصراع، او الخضوع للاجراءات التمييزية التي تحرمهم من حقوقهم الانسانية الاساسية، او حتى التنصل من هويتهم من اجل الحصول على معاملة افضل. ووفقا لوكالة الغوث الدولية (الاونروا)، فان هناك نحو 280,000 لاجئ فلسطيني اصبحوا مهجرين داخل حدود سوريا، كما اشارت احصائيات الاونروا الى انه هناك نحو 43,000 لاجئ فلسطيني عالق في مناطق يتعذر الوصول اليها. كما وتشير التقديرات الى ان هناك ما يزيد عن 120,000 لاجئ فلسطيني اضطر للفرار من دول الشرق الاوسط، خصوصا من العراق وسوريا ولبنان الى اوروبا واستراليا والامريكيتين خلال السنوات الخمس الاخيرة.
  
ان التقاعس الدولي عن إحقاق حقوق الشعب الفلسطيني ليس بالامر الجديد، اذ يرجع اصله الى 100 عام من الزمن عندما قامت الدول القوية بشرعنة استعمار فلسطين من خلال اعلان وعد بلفور، ومن ثم اعلان الانتداب على فلسطين لصالح  الحركة الصهيونية. واليوم تستكمل تلك القوى ذاتها منح الحماية لاسرائيل بدلا من لجمها وانهاء انتهاكاتها المستمرة وجرائمها الدولية التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني. وبدلا من ان تقوم الدول بمعالجة الممارسات والسياسات الاسرائيلية التي تم توضيحها في تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (ايسكوا)، قامت الامم المتحدة، بفعل الضغط الذي مورس عليها، بسحب التقرير. ان هذا الاجراء لا يعدو كونه تشجيع لاسرائيل على مواصلة عدم انصياعها للقانون الدولي؛ الامر الذي  يؤدي الى تكريس نظام الفصل العنصري الذي تمارسه.
 
في الذكرى التاسعة والستين للنكبة، تكرر الشبكة العالمية للاجئين والمهجرين الفلسطينيين توصياتها السابقة (انظر الى بيان النكبة للعام ٢٠١٥) وتدعو الى ما يلي:
  • على المجتمع الدولي اتخاذ كافة الاجراءات المنصوص عليها في القانون الدولي لوقف عمليات التهجير والنقل القسري للفلسطينيين، ولضمان وتوفير الحماية الشاملة ( القانونية، والفيزيائية والانسانية) للاجئين وللمهجرين الفلسطينيين اينما تواجدوا؛ ومحاسبة اسرائيل على انتهاكاتها وجرائمها.  
  • على الدول والوكالات الدولية، وخصوصا الاونروا والمفوضية العليا لشؤون للاجئين الوقوف عند التزاماتها ومسؤولياتها في توفير المساعدات الانسانية والحماية للفلسطينيين، والى التوقف عن استبعاد الفلسطينيين طالبي اللجوء من نظم الحماية الدولية والوطنية.
  • على القيادة والقوى الفلسطينية الاعلان بلا مواربة او لغة ملتبسة عن فشل سلام اوسلو، والتنصل من كل تتضمنه من اتفاقيات وملاحق سياسية وامنية واقتصادية، ووضع استراتيجية وطنية تعيد المكانة للقضية والحقوق الفلسطينية؛
  • تنظيم انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني بعيدا عن المحاصصة المقيتة والاقصاء، وبما يضمن حق المشاركة والتمثيل لكل فلسطيني وفلسطينية في كل مكان، حيث سيكون المجلس المنتخب مكلّفا بإعادة بناء كل مؤسسات منظمة التحرير على أسس وطنية وديموقراطية بما يؤهلها للاضطلاع بمهمات مرحلة التحرر الوطني وإعادة الحضور الفلسطيني الفاعل على كل المستويات: الشعبية والرسمية، المحلية والدولية؛
  • التبني الصريح والفعلي لحملة مقاطعة اسرائيل، وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، وليس فقط مقاطعة بضائع المستوطنات، باعتبارها شكلا من اشكال المقاومة الوطنية المشروعة والفعّالة.
 
العودة حق وإردة شعب
 
الشبكة العالمية للاجئين والمهجرين الفلسطينيين