أخبار بديــل

(١٩ كتنون ثاني ٢٠١٨) أوقفوا الهجمة على الأونروا - المطلوب معالجة استراتيجية وليس مجرد ردود فعل

PR/AR/190118/01
ليست المرة الاولى التي تطالب فيها اسرائيل بحل الأونروا (وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى)، وليست المرة الاولى التي تتساوق فيها الإدارة الأمريكية مع تلك المطالب بحجب تمويل هذه الوكالة الدولية أو حتى التهديد به، كشكل من أشكال الابتزاز السياسي الذي يستهدف الفلسطينيين أولاً والمجتمع الدولي من خلفهم. في الواقع، فإن عمل مراجعة تاريخية لمطالب إسرائيل وسلوك الإدارة الأمريكية منذ بداية أوسلو حتى اليوم يكشف عن استراتيجية منظمة ومتعمّدة تهدف إلى القضاء على الحقوق الأساسية الفلسطينية بشكل عام، وحقوق اللاجئين والمهجّرين على وجه الخصوص. وتترابط مكونات هذه الاستراتيجية على نحو يهدف الى الغاء الأونروا، في حين تتواصل حالة فشل المجتمع الدولي في حل أكبر قضية لاجئين في العالم وأطولها عمراً.
 
إن تتبع مسار الهجمة على الأونروا وما تمثله، منذ اوسلو، يكشف بوضوح عن السياسات والآليات التالية:
 اولا: تراجع حجم التمويل الطوعي المقدم من الدول للاونروا؛
 ثانيا: ربط تراجع تمويل الاونروا بحجة تمويل الدول للسلطة الفلسطينية؛
 ثالثا: فرض قيود من قبل الدول المانحة الاساسية على وجهة صرف المنح المقدمة للاونروا؛ هذه القيود التي ترقى الى درجة الاشتراطات؛
رابعا: تزايد اعتماد الاونروا على التبرعات الطارئة من جهة، وتزايد سعي الاونروا للبحث عن منح لمشاريع معينة وليس برامج اساسية من جهة ثانية؛
خامسا: تزايد حجم تبرعات الدول العربية وبالاخص الخليجية سواء على شكل منح لمشاريع او منح طارئة؛
سادسا: شيطنة الاونروا من قبل اسرائيل بالترافق مع التشكيك الامريكي في جدوى برامج الاونروا، وصلاحية تعريفها للفلسطيني اللاجئ؛
سابعا: تنامي دعوات النقل الجزئي والتدريجي لمهمات الاونروا إلى الدول المضيفة.
ثامنا: ربط مبدأ حيادية الاونروا بامتناعها عن المطالبة بحل قضية اللاجئين الفلسطينيين بموجب قرارالجمعية العامة للامم المتحدة رقم 194 لعام 1948.  
 
 
وقد بدأ الهجوم المتجدد على وكالة الأونروا وولايتها ووجودها، مع قرار الإدارة الأمريكية الأخير بوقف نصف تبرعات العام 2018 المتعهد بها لهذه الوكالة والبالغة 120 مليون دولار أمريكي. تاريخياً، تعد الولايات المتحدة الأمريكية أكبر المساهمين في ميزانية الأونروا، حيث وصلت مساهمتها لحوالي 350 مليون دولار أمريكي في العام 2017. وبالإضافة إلى العجز الحالي البالغ 150 مليون دولار أمريكي، تواجه الأونروا حالياً أكبر عجز في الميزانية في تاريخها.
 
وفي الوقت الذي تصبّ القيادة الفلسطينية جل اهتمامها وتركيزها على السعي من أجل الحصول و/او توسيع الاعتراف بدولة فلسطينية تحت الاحتلال، فان الحاجة الى وضع إستراتيجية وطنية لحماية حقوقنا المشروعة وإحباط الاعتداءات عليها ومن ضمنها الأونروا اصبحت ضرورة ملحة  لا تحتمل التأجيل، خصوصا وان البحث عن انتصارات رمزية لا يرقى الى مستوى التحديات الراهنة.
 
وفي ظل هذه الظروف القاتمة، لا تزال المعضلة الأساسية التي تعاني منها "قضية فلسطين" هي نفسها؛ اي عدم وجود حلول دائمة وعادلة للتهجير التاريخي والمستمر المرتكب بحق الشعب الفلسطيني وفقاً للقانون الدولي. وفي ضوء حقيقة أن إطار الحماية المصمم خصيصاً للاجئين الفلسطينيين، الذي يتألف من الأونروا (UNRWA) ولجنة الأمم المتحدة للتوفيق حول فلسطين (UNCCP)، تحت رعاية المجتمع الدولي، قد فشل بشكل فادح في معالجة هذه المسألة الأساسية بسبب أوجه القصور الهيكلية، وانعدام المسسؤولية الدولية، فإن الوقت قد حان لوضع استراتيجية لمعالجة جذور الصراع وتعالج وضع الأونروا من أساسه.
 
وعليه، فإننا نطالب القيادة الفلسطينية بتبني الاسس التالية كجزء لا يتجزأ من الاستراتيجية الوطنية الفلسطينية التي تتبعها منظمة التحرير الفلسطينية لتعبئة الجمعية العامة للأمم المتحدة ودفعها لمعالجة وضع الاونروا ولمواجهة الهجمة الامريكية والاسرائيلية المتجددة:
  1. توسيع صلاحية الاونروا لتشمل نصا صريحا ينيط بالاونروا مسوؤلية الاطلاع بتوفير الحماية الدولية للاجئين الفلسطنييين باركانها الثلاث المتمثلة في الحماية القانونية (ضمان تمتع اللاجئين بحقوق الانسان الاساسية بموجب القانوني الدولي)، والحماية الفيزيائية لتجمعات اللاجئين (توفير الامن والامان)، والحماية الانساينة (توفير الاغاثة والخدمات الاساسية)؛
  2. توسيع ولاية الاونروا الجغرافية لتمتد الى كل المواقع التي يتواجد فيها لاجئون فلسطينيون، وتحرير الاونروا من العمل حصرا في المناطق الخمس (الضفة، قطاع غزة، لبنان، سوريا والاردن) خصوصا في ظل التهجير الثانوي (اللاحق للتهجير الاول والمتكرر) الذي يطال ابناء شعبنا في مختلف دول اللجوء وخصوصا في الدول العربية؛
  3. توسيع ولاية الاونروا الشخصية من خلال تعديل تعريفها للاجئ الفلسطيني ليشمل كل فلسطيني تنطبق عليه صفة لاجئ بموجب القانون الدولي وغير مسجل لدى الاونروا؛
  4. تحويل مساهمات الدول في موازنة الاونروا من مساهمات طوعية الى مساهمات أساسية تقررها الجميعة العمومية ضمن موازنتها السنوية، بما يضمن توافر الحد الادنى من الموازنة السنوية اللازمة للاونروا للاطلاع بمهماتها.
  5. مطالبة مفوضية الامم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين بتضمين الفلسطينيين المهجرين داخليا ضمن نطاق عملها، بما في ذلك الفلسطينيون المهجرون في داخل الخط الاخضر (قرابة 380 الف فلسطيني)، والارض المحتلة في العام 1967 (قرابة 130 الف فلسطيني).
 
تجدر الإشارة إلى أن منظمات حقوق الإنسان ومجموعاتها، وخبراء دوليين وأكاديميين، وعشرات منظمات المجتمع المدني والحركات والشبكات، بما في ذلك المجتمع المدني الفلسطيني، قد تداولت هذه التوصيات على مدى السنوات الخمس الماضية على الأقل. ولكن للأسف، تم تجاهل تلك التوصيات أو تم قمعها وسط الصراعات الإقليمية ومعمعان "الحرب على الإرهاب"، والإصرار على الحفاظ على عملية سلام فاشلة على مدى ربع قرن من الزمان، بالإضافة إلى تهديدات ترامب بنقل السفارة الأمريكية واعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل.
 
لقد حان الوقت لكي يفي المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني عموماً واللاجئين والمهجرين الفلسطينيين خصوصاً من خلال وضع استراتيجية مضادة قادرة على مواجهة سياسات الإدارة الأمريكية وإسرائيل  الهادفة الى لدفن "قضية فلسطين" برمتها.
 
---------------------------------------------------------
بديل – المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين
الشبكة العالمية للاجئين والمهجرين الفلسطينيين (تضم أكثر من ٥٠ مؤسسة في فلسطين والشتات)