أخبار بديــل
يصادف 11 كانون الأول 2022 الذكرى ال74 لاعتماد قرار الجمعية لعامة للأمم المتحدة 194 (|||). هذه الوثيقة القانونية تؤكد وبصراحة حق اللاجئين الفلسطينيين الأساسي في جبر الضرر الذي لحق بهم، بما يشمل حقهم في العودة إلى أراضيهم التي هُجروا منها قسراً، واستعادة الممتلكات، والتعويض المالي عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم، وضمان عدم تكرار الضرر.
74 عاماً مضت، وما زال 9.17 مليون لاجئ ومهجّر فلسطيني في انتظار ممارسة حقهم الأساسي في جبر الضرر الذي لحق بهم، ولا يزال نظام الفصل العنصري الإسرائيلي يقف عائقاً أمام ممارسة الفلسطينيين حقهم في العودة واستعادة الممتلكات والتعويضات. وفي ذات الوقت، ما تزال الدول الغربية المتنفّذة غير راغبة في الوقوف على مسؤولياتها الدولية تجاه اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين، وتحديداً التزاماتها بضمان الحماية الدولية وتسهيل انفاذ الحلول الدائمة.
قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 (III) "يوجّه/وجّه لجنة التوفيق [حول فلسطين] لتسهيل عودة اللاجئين إلى ديارهم واعادة توطينهم وتأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك دفع التعويضات [...]"؛ هذا في إشارة إلى واجب الحماية القانونية والسلامة الجسدية. على أية حال، ونتيجة لتوقف لجنة التوفيق حول فلسطين عن العمل منذ منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، ترك اللاجئون والمهجرون الفلسطينيون يعانون من غياب ونقص الحماية الدولية.
إن فجوة الحماية هذه تزيد من هشاشة هذه الشريحة من الفلسطينيين وتجعل من حقوقهم الأساسية عرضة لشتى أنواع الانتهاكات. في لبنان على سبيل المثال، يعيش أكثر من 70٪ من اللاجئين الفلسطينيين في فقر مدقع ويواجهون مستويات متزايدة من انعدام الأمن الغذائي، كما ويتعرض اللاجئون الفلسطينيون في الدول الغربية الموقعة على اتفاقية العام1951 الخاصة بوضع اللاجئين لخطر دائم بـ"الإعادة القسرية" وحرمانهم من التمتع بـ "وضعهم كلاجئين" بسبب التفسير الخاطئ والمضلل للمادة 1 د من الاتفاقية.
في الواقع، وبدلاً من التمتع بالحماية التي يحق لهم الحصول عليها، يواجه اللاجئون الفلسطينيون مزيدًا من الجهود المكثفة من قبل الجهات الدولية الفاعلة لتقويض وضعهم وحقوقهم كلاجئين ومهجّرين. ومن بين ما تستهدفه تلك الهجمات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وذلك من خلال فرض التمويل المشروط عليها وتجريدها من مسؤولياتها. ففي وقت سابق من هذا العام تم اقتراح أن يتم إسناد بعض من مسؤوليات الأونروا إلى وكالات الأمم المتحدة الأخرى أو إلى منظمات أخرى غير حكومية. وسيشكل هذا النقل للمسؤوليات الخطوة الأولى نحو التقليل من دور الأونروا ومن ثم تفكيكها تدريجياً، بما يصب في مصلحة الاستراتيجية الإسرائيلية الهادفة إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين برمتها. ومع ذلك، صوتت 157 دولة عضو في الأمم المتحدة لصالح تجديد ولاية الأونروا حتى العام 2026 في تشرين الثاني 2022 ودون المساس بمهامها ومسؤولياتها.
كان هذا التصويت حاسمًا في إعادة تأكيد التزام الأمم المتحدة تجاه اللاجئين الفلسطينيين في ضوء الهجمات العديدة التي واجهتها الوكالة خلال السنوات القليلة الماضية. ومع ذلك، فقد فشلت في توفير حل لأزمة موازنة الأونروا المزمنة، وهو أمر مقلق للغاية. بالإضافة إلى ذلك، لم يتطرق هذا التصويت إلى مسألة ضمان الحماية الدولية للاجئين الفلسطينيين، ومن بينها ضمان حقوقهم الأساسية لممارسة الحلول الدائمة والعادلة، بما في ذلك حماية ممتلكاتهم. ففي ظل غياب وعدم فعالية لجنة التوفيق بالدولية حول فلسطين، لا توجد وكالة أممية تضطلع بمهام توفير الحماية للاجئين الفلسطينيين وحماية ممتلكاتهم.
إن الحماية الدولية حق مطلق للجميع، لذلك فقد حان الوقت لكي تفي الدول بمسؤولياتها لضمان توفير حماية شاملة للاجئين والمهجرين الفلسطينيين بدلاً من التسليم بالثغرات القانونية وتعداد التفسيرات المتضاربة حول الحماية. ويجب أيضاً على الدول الأعضاء أن تنظر بجدية في توسيع ولاية الأونروا أو إعادة إحياء لجنة التوفيق الدولية حول فلسطين لضمان الحماية القانونية للاجئين الفلسطينيين، وعلى رأسها حقهم في جبر الأضرار التي لحقت بهم، على النحو المنصوص عليه في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، والصكوك الدولية ذات الصلة، وأفضل ممارسات الدول.
اليوم، وبعد مضي 74 عامًا، على المجتمع الدولي أن يدرك بأن التوصل للسلام الدائم والحل العادل للصراع الذي طال أمده، لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تطبيق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 (III). كما ينبغي أن يدرك المجتمع الدولي بأن الحلول الدائمة للاجئين الفلسطينيين وتحديداً حقهم في العودة الى ديارهم الأصلية، هو متطلب أساسي لإعمال حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.
وبناءً عليه، يدعو مركز بديل والشبكة العالمية للاجئين والمهجّرين الفلسطينيين الدول والهيئات الدولية المعنية إلى:
- الوفاء بمسؤولياتها بموجب القانون الدولي لضمان وتسهيل الحماية الدولية للاجئين الفلسطينيين، وتحديداً من خلال تبني ودعم الحلول القائمة على الحقوق الدائمة كاستراتيجية طويلة الأمد للاجئين الفلسطينيين والمهجّرين داخلياً؛
- ضمان الحماية الفعالة للاجئين والمهجرين الفلسطينيين وأولئك المعرضين لخطر التهجير القسري في فلسطين بحدودها الانتدابية وفي دول الشتات من خلال توسيع تفويض الأونروا ليشمل تفويضًا صريحًا وشاملًا للحماية الدولية.