أخبار بديــل

عملية أوسلو للسلام: 30 عاماً على ترسيخ نظام الاستعمار الفصل العنصري الإسرائيلي
عملية أوسلو للسلام: 30 عاماً على ترسيخ نظام الاستعمار الفصل العنصري الإسرائيلي

يصادف اليوم الذكرى الثلاثون لتوقيع "إعلان المبادئ بشأن ترتيبات الحكم الذاتي المؤقت" المعروف أيضًا باسم اتفاقية أوسلو الأولى، وضمن عملية أوسلو للسلام بين ’إسرائيل‘ ومنظمة التحرير الفلسطينية في 13 أيلول 1993. وبهذه المناسبة يعيد مركز بديل التذكير بنتائج استطلاعه الذي أظهر أن 93% من الشباب الفلسطيني أشاروا إلى أن عملية أوسلو للسلام فشلت، علاوة على ذلك، أظهر الاستطلاع أن الشباب يدركون تراجع القضية الفلسطينية على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، فضلاً عن شرعنة نظام الاستعمار والفصل العنصري الإسرائيلي هذا الأمر الذي يعد أحد المكاسب الإستراتيجية العديدة التي اكتسبتها إسرائيل نتيجة ما يسمى بـ "عملية السلام".

وفضلاً عن إنشاء سلطة حكم فلسطينية تتمتع بحكم شبه ذاتي ووضع إطار لمزيد من المفاوضات، لم تحقق اتفاقيات أوسلو هدفها النهائي المزعوم والمتمثل في التوصل إلى سلام وتسوية نهائية بين إسرائيل والفلسطينيين. وبناء على نتائج استطلاع اجراه مركز بديل تحت عنوان: "وجهات نظر الشباب الفلسطيني حول عملية أوسلو للسلام: النجاحات والإخفاقات والبدائل" يعتقد الشباب الفلسطيني أن عملية أوسلو للسلام مكنت إسرائيل من مواصلة مشروع الاستعمار والفصل العنصري بلا هوادة في فلسطين بحدودها الانتدابية، وقد جاء ذلك على حساب أمن الشعب الفلسطيني وسلامته واستقراره الاقتصادي، وهويته الجماعية واستمرار إنكار حقوقهم غير القابلة للتصرف؛ وأهمها حق تقرير المصير والعودة إلى الدياار والممتلكات.

لقد ساهمت عملية أوسلو للسلام في زيادة تفتيت الشعب الفلسطيني وأرضه واقتصاده، إن نظام الإغلاق والتصاريح الإسرائيلي، ونقاط التفتيش، وتوسيع المستعمرات، والضم بحكم الأمر الواقع أو بموجب القانون، يقيد حرية حركة الأشخاص والبضائع داخل فلسطين بحدودها الانتدابية وخارجها. وقد أدى هذا بدوره إلى إنشاء اقتصادات فرعية داخل الاقتصاد الفلسطيني، تضم القدس الشرقية وقطاع غزة والضفة الغربية والاقتصاد الفلسطيني داخل فلسطين 1948.

بالفعل، لقد ضمنت عملية أوسلو للسلام أن تكون بمثابة قناة أخرى لترسيخ المشروع الاستعماري الإسرائيلي الصهيوني، وبينما يؤكد الشباب الفلسطيني بقوة أن عملية أوسلو للسلام قد فشلت، فإن ما يقارب 93% منهم يرون أن توسيع المستعمرات الإسرائيلية هو مظهر من مظاهر هذا الفشل، كما يرى 80.2% منهم أن التنفيذ المتصاعد للسياسات التمييزية هو مثال اخر صارخ على هذا الفشل، من بين قضايا أخرى مثيرة للقلق.

وعليه، فمن الواضح أن هدف عملية أوسلو للسلام في مجملها لم يكن السلام؛ بل كان إبقاء العملية على أجهزة الإنعاش وإحيائها كلما دعت الحاجة. ومن خلال ذلك، لا تزال إسرائيل قادرة على التلاعب بما هو غير قانوني دولياً وتحويله إلى أمر واقع يمنع إنفاذ حقوق الفلسطينيين في تقرير المصير والعودة ويحيلها إلى عالم الأوهام.

في الواقع، تستخدم إسرائيل عملية أوسلو للسلام كآلية لزيادة ترسيخ نظام هيمنتها من خلال:

  1. نقل مسؤولياتها كقوة احتلال إلى السلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي، مع توسيع نظام الاستعمار والفصل العنصري الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني.
  2. خلق وهم صنع السلام لتخدير مخاوف المجتمع الدولي، مثل فكرة أن أي "اشتباكات" بين الفلسطينيين والإسرائيليين يُنظر إليها على أنها خروقات وانحرافات مؤقتة.
  3. إدامة وتفاقم الحقائق غير القانونية على الأرض، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، بناء المستعمرات، والطرق المخصصة للمستعمرين فقط، وجدار الفصل العنصري.

بالتالي، ومع مرور ثلاثة عقود على بدء عملية أوسلو للسلام، فإن الإفلات الإسرائيلي المستمر من العقاب يعززه غياب المساءلة والعقوبات الدولية ضد جرائم إسرائيل وانتهاكاتها الصارخة سهل تقويض الحقوق الفردية والجماعية للشعب الفلسطيني، وخاصة الحق في تقرير المصير والعودة، وهذا لا يؤكد فشل عملية أوسلو للسلام فحسب، بل يواصل ترسيخ نظام الاستعمار والفصل العنصري الإسرائيلي في ظل الوضع الراهن المستمر.

يؤمن مركز بديل أن التوصل إلى حل عادل يتطلب فرض نهج شامل يرتكز على الحقوق في إنهاء الاستعمار الإسرائيلي، تدعمه التدابير الجادة التي اتخذها المجتمع الدولي والدول منفردة والمجتمع المدني وحركات التضامن لضمان الإعمال الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في تقرير المصير والعودة.