أخبار بديــل
|
بيان الشبكة العالمية للاجئين والمهجرين الفلسطينيين
إن التصريحات العديدة التي أدلى بها المسؤولون في الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء والموقف والإعلانات الرسمية للاتحاد الأوروبي بشأن الحرب على غزة تشكل مشاركة واضحة في الحرب على شعبنا. هذه التصريحات ليست مجرد فشل في اتخاذ التدابير اللازمة، أو التواطؤ مع الجرائم الإسرائيلية، أو الازدواجية في المعايير، بل إنها تعني الانخراط المباشر للدول الغربية الاستعمارية في الحرب على شعبنا وانكار حقوقه التي يضمنها القانون الدولي. بعض الدول، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة وألمانيا قررت مؤخراً تقديم الدعم والمعدات العسكرية الإضافية لإسرائيل.
في 15 تشرين الأول 2023، أصدر أعضاء المجلس الأوروبي البالغ عددهم 27 عضوا بيانًا حول "الوضع الذي يتكشف في الشرق الأوسط" والذي يستمر في تجاهل السياق غير القانوني والأسباب الجذرية لحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على غزة، من خلال غض النظر عن السنوات الخمسة عشر لحصار قطاع غزة، وحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير، وحرمان أكثر من تسعة ملايين لاجئ فلسطيني ومهجر داخليا من حقهم في العودة، والممارسات الاستعمارية الممنهجة خلال 75 عاما من النكبة المستمرة. ومع تجاهل الاتحاد الأوروبي وعدم ذكره لهذه الحقائق، فإنه يؤكد انحيازه الواضح مع منظومة الاستعمار والأبرتهايد الإسرائيلية، وازدواجية معاييره تجاه القضية الفلسطينية، واستمراره في محاولة شيطنة الشعب الفلسطيني وتجريده من إنسانيته. إن الاتحاد الأوروبي والأطراف الثالثة الأخرى، وبعد 75 عاما من النكبة المستمرة، لم يكونوا على استعداد لاتخاذ أي إجراءات عملية بناءً على واجبهم الذي يقتضي محاسبة إسرائيل على جرائمها المستمرة وانتهاكها لحقوق الإنسان.
إن الفظائع التي ارتكبتها إسرائيل منذ عام 1948 وحتى اليوم لا يمكن تبريرها بادعاء "الحق في الدفاع عن النفس"، ذلك لأن إسرائيل هي القوة الاستعمارية التي تفرض نظام هيمنة عنصرية مضطهدة للشعب الفلسطيني والمعتدية ابتداء. ولا يمكن تبرير التطهير العرقي والتهجير المستمر الذي يحدث الآن في غزة بالادعاءات المتعلقة بسلامة السكان كما يروجها الاتحاد الأوروبي. إن واجب الاتحاد الأوروبي والأطراف الثالثة الأخرى أن تدرك أن أي محاولة لتهجير الفلسطينيين بحجة ضمان سلامتهم تشكل نكبة جديدة تتواطأ فيها الدول التي تدعم إسرائيل. إن سلامة السكان تكون بوقف الحرب والابادة.
وفقاً للمادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فإن "الإبادة الجماعية تعني أياً من الأفعال التالية المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية". وتشمل هذه الأفعال، من بين أفعال أخرى: القتل، والتسبب في أذى جسدي أو عقلي خطير، وتدمير ظروف حياة أي مجموعة، سواء بشكل جزئي أو كلي. ولا يخفى ان هذه الاعمال هي ما تقوم به إسرائيل فعليا في غزة.
إن حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على غزة هي حرب على الشعب الفلسطيني وعلى حقنا في مقاومة هيمنة منظومة الاستعمار والأبرتهايد الإسرائيلية سعيا إلى حقنا في تقرير المصير. إن هذا الحق ليس منصوصا عليه في المادة الأولى المشتركة في العهدين الدوليين لحقوق الإنسان (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية) فحسب، بل تم توضيحه بشكل صريح في العديد من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي نصّت على "شرعية نضال الشعوب من أجل التحرر من السيطرة الاستعمارية والأجنبية والتدخلات الخارجية بكل الوسائل المتاحة، بما في ذلك الكفاح المسلح”.[1]
وبناء على ذلك، إن حركات المقاومة الفلسطينية في غزة (أو في أي مكان آخر في فلسطين) ليست منظمات إرهابية، بل هي تعبير عن حركة التحرير الوطني الفلسطيني. وعلاوة على ذلك، ووفقًا لقرارات أخرى للجمعية العامة للأمم المتحدة، فإنها، وفي سياق دعمها لنضالات الشعوب المضطهدة، "تحث جميع الدول والمنظمات المختصة في منظومة الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة والمنظمات الدولية الأخرى على تقديم دعمها للشعب الفلسطيني [. . .] في كفاحه من أجل استعادة حقه في تقرير المصير والاستقلال وفقا لميثاق الأمم المتحدة"، كما أنها "تحث جميع الدول والوكالات المتخصصة والمنظمات المختصة في منظومة الأمم المتحدة على بذل قصارى جهدها لضمان التنفيذ الكامل لإعلان منح الاستقلال للدول والشعوب المستعمرة، وتكثيف جهودها لدعم الشعوب الواقعة تحت السيطرة الاستعمارية والأجنبية والعنصرية في كفاحها العادل من أجل تقرير المصير والاستقلال".[2]
لا يقتصر الأمر على فشل الاتحاد الأوروبي في الوفاء بالتزاماته بدعم الشعب الفلسطيني المكافح في سبيل حقه في تقرير المصير، بل إن التصريحات السياسية التي أدلى بها العديد من مسؤولي الاتحاد الأوروبي، وفي ضوء المادة 25 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، تعني أن هؤلاء المسؤولين متورطون بشكل مباشر في الجرائم الدولية التي ترتكب في غزة. بمعنى آخر، فيما يتعلق بالإبادة الجماعية، فإن مسؤولين مثل رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، ورئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، ومفوض الاتحاد الأوروبي أوليفير فارهيلي، وغيرهم كثيرون، يمكن أن تتم محاسبتهم – وستتم محاسبتهم – لـ "تسهيل ارتكاب مثل هذه الجرائم أو المساعدة أو التحريض أو المساعدة بطريقة أخرى، بما في ذلك توفير الوسائل اللازمة للدولة المرتكبة".
وبدلاً من الدعوة إلى وقف إطلاق النار وحماية المدنيين الفلسطينيين وتقديم المساعدات الإنسانية، دعا الاتحاد الأوروبي إلى "منع المزيد من التصعيد" وفرض المزيد من الشروط على المساعدات الإنسانية! إن الدعم غير المحدود وغير المشروط الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي لإسرائيل، وبالنظر الى السياق القانوني والسياسي والأسباب الجذرية للحرب، يشكل مشاركة فعّالة في حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على غزة. وعلى هذا النحو، فإن موقف الاتحاد الأوروبي، والتصريحات التي أدلى بها مختلف المسؤولين والدول المنحازة، نرفضها وندينها، مثلها مثل رفضنا للتمويل المشروط سياسيا.
وبناءً على ذلك، فإننا في الشبكة العالمية للاجئين والمهجرين الفلسطينيين نطالب الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي:
1. وقف كافة أشكال شيطنة المقاومة الفلسطينية وتجريد شعبنا الفلسطيني من إنسانيته
2. وقف دعمها غير المشروط لنظام الاستعمار والأبرتهايد الإسرائيلي بما يشمل حظر نقل السلاح والذخيرة إلى إسرائيل أو منها.
3. الوفاء بالتزاماتها تجاه الشعب الفلسطيني، ليس من خلال فرض عقوبات على إسرائيل فحسب، بل من خلال دعم النضال الفلسطيني من أجل التحرر من الهيمنة الاستعمارية والسعي إلى تحقيق حقنا في تقرير المصير والعودة
4. رفض سياسات التهجير الاستعمارية والتطهير العرقي المتجدد للفلسطينيين داخل غزة أو منها، واتخاذ إجراءات عملية لحماية الشعب الفلسطيني في غزة بدلاً من الدعوة إلى فتح ممرات تهجير إلى مصر بزعم الحرص على سلامة السكان.
العودة حق وإرادة شعب
الشبكة العالمية للاجئين والمهجرين الفلسطينيين
[1] أنظر مثلا: UNGA A/RES/3070 (XXVIII), 30 November 1973
[2] أنظر مثلا: UNGA A/RES/37/43 of 3 December 1982 and https://undocs.org/en/A/RES/45/130