أخبار بديــل

مستقبل قطاع غزة جزء لا يتجزأ من حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره
مستقبل قطاع غزة جزء لا يتجزأ من حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره

على مدى أكثر من قرن، ما زالت الدول الاستعمارية تواصل التلاعب بمصير الشعب فلسطيني وبأرضه تحقيقا لمكاسبها الخاصة - ضد إرادة شعبنا وعلى حساب حقنا غير القابل للتصرف في تقرير المصير. واليوم، مرة أخرى، ومن دون الالتفات لإرادة الشعب الفلسطيني أو لحقوقه وإرادته، تقترح الدول الاستعمارية، وابرزها: الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وألمانيا وغيرها، خططًا لإدارة قطاع غزة بعد وقف إطلاق النار.

إن تدخل الدول الاستعمارية وانكارها لحقوقنا هو أمر غير أخلاقي وغير قانوني وغير مقبول، بل وعمل عدائي أيضا. ان الشعب الفلسطيني هو وحده صاحب الحق في ممارسة حقه بتقرير المصير على أرضه، وإن أي دولة تتدخل أو تتلاعب في أو تحاول تهميش حقوقنا هي متواطئة في الجرائم الإسرائيلية، بما في ذلك جريمة الحرمان من الحق في تقرير المصير.

في عام 1922، فرضت عصبة الأمم انتداب بريطاني على فلسطين، متضمنًا مبادئ وعد بلفور (1917)، والذي يتعارض بشكل مباشر مع حقوق الشعب الفلسطيني وارادته.

وأيضا في 29 نوفمبر 1947، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة خطة تقسيم فلسطين بموجب القرار رقم 181، متجاهلة حقوق الشعب الفلسطيني وفي انتهاك صارخ القانون الدولي، ذلك ان القرار كان ينص على تقسيم فلسطين إلى ثلاثة أقسام: القدس بإدارة دولية، ونحو 56% مخصصة لـ”وطن يهودي”، و43% لـ”دولة عربية” والذي رفضته فلسطين والدول العربية.

وفي حين أن تقسيم فلسطين لم يتحقق أبدًا وفقًا للخطة التي وضعتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أنه كان بمثابة ضوء أخضر للحركة الصهيونية للمضي قدمًا في التطهير العرقي للفلسطينيين. وقد حدث ذلك من خلال خطط عسكرية صيغت قبل سنوات ونفذتها المليشيات الصهيونية بعد انسحاب الوجود البريطاني وقبل إقرار خطة التقسيم. ونتيجة لذلك، أصبح أكثر من 750.000 فلسطيني لاجئين، وما لا يقل عن 40.000 فلسطيني صاروا مهجرين داخليًا في الدولة الإسرائيلية المنشأة حديثًا.

وفي عام 1967، وبعد فشلها في إنشاء "الدولة العربية" بحسب قرار التقسيم، واصلت نفس الدول الاستعمارية دعم توسع حليفتها الاستعمارية إسرائيل، ومنعت أي إجراء محتمل من جانب الأمم المتحدة ووكالاتها. وأدى ذلك إلى تهجير 400 ألف فلسطيني آخرين، نصفهم كان من اللاجئين السابقين. ومنذ ذلك الحين، أصبحت الأمم المتحدة ووكالاتها منصة لإدارة الصراع - وليس حله - في حين وسعت إسرائيل نظام الاستعمار والفصل العنصري إلى الأرض الفلسطينية المحتلة حديثا.

وبعد احتلال العام 1967، صارت المنظومة الإسرائيلية تسيطر على كامل فلسطين الانتدابية والمسؤولة عن استمرار تهجير 67% من الشعب الفلسطيني. وبدلاً من الاعتراف بتواطؤها، وبدلا من القيام بدعم تحرير فلسطين واستقلالها، جاء المجتمع الدولي في عام 1977 ليعلن يوم 29 نوفمبر - يوم اعتماد خطة التقسيم - يومًا عالميًا للتضامن مع الشعب الفلسطيني!

وفي عام 1993، قررت الدول الاستعمارية مرة اخرى نيابة عن الشعب الفلسطيني ودون وجه حق أن الحل الأمثل يكون بما يسمى حل الدولتين، وشرعت في تقسيم الأرض الفلسطينية مجددا، وأدى إلى مزيد من تجزئة الشعب الفلسطيني. ان اتفاقيات أوسلو قيدت المزيد من الحقوق الفلسطينية، وفشلت في معالجة قضية اللاجئين وتجاهلت الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية. ان هذه الاتفاقيات صممت في جوهرها من قبل الدول الاستعمارية لإضفاء الشرعية على نظام الاستعمار والفصل العنصري الإسرائيلي، والسماح له بمواصلة توسيع مستعمراته وتهجير الفلسطينيين قسراً.

فخلال 30 عامًا من "عملية السلام"، فرضت إسرائيل حصارًا على قطاع غزة (2002)، وبنت جدار الفصل العنصري، وشنت حروبًا متعددة - بما في ذلك حرب الإبادة الجماعية الحالية - بدعم دولي وباستمرار تمكين إسرائيل من الافلات من العقاب والمحاسبة. تواصل الأمم المتحدة من خلال عجزها والدول الاستعمارية، على الرغم من تأييدها لحل الدولتين، إطلاق العنان لإسرائيل لتدمير وقتل وتهجير الفلسطينيين، مما يجعل "حل الدولتين" ليس مستحيل التحقيق فحسب، بل ومهزلة أيضًا.

واليوم، فإن الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا والعديد من الدول الأخرى - مع استمرارهم في التحدث عن حل الدولتين - تدفع بأجنداتها الخاصة لإدارة "قطاع غزة بعد وقف إطلاق النار". وفي الوقت  الذي يزعمون أنهم ضد التهجير، تراهم يرفضون مرارا وتكرارا وقف إطلاق النار غير المشروط، وهو الإجراء الوحيد الذي من شأنه أن يوقف الإبادة الجماعية ويمنع المزيد من التهجير.

خلال مختلف المراحل، كانت الدول الاستعمارية تمارس هيمنتها عبر المنابر الدولية مثل عصبة الأمم والأمم المتحدة وتقوم باتخاذ قرارات بشأن مصير الشعب الفلسطيني. إن قراراتهم لا تتعارض مع القانون الدولي فحسب، بل إنها تتجاهل تمامًا حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في تقرير المصير والعودة، بل إنها مصممة أيضًا لتشجيع وحماية وتوفير الحصانة لحليفتهم – منظومة الاستعمار والفصل العنصري الإسرائيلي.

إن سياسات الدول الاستعمارية خلال القرن الماضي تشكل تواطؤاً ومشاركة فعلية في النكبة المستمرة للشعب الفلسطيني- صاحب الحق في تقرير المصير، هذا الحق الذي يشمل تحديد مستقبل فلسطين، بما في ذلك قطاع غزة.